نظام «ملطشة» وخطوط «مسخرة»!

TT

أتابع بالكثير من التعجب والدهشة والسخرية ما يحدث على الساحة السورية وردود الفعل المختلفة، عربية وغربية، فيما يتعلق بموضوع الضربة الأميركية العسكرية المتوقعة على مواقع نظام بشار الأسد وآلته العسكرية التي تفتك بشعبه وهم نفس المجاميع التي كانت صامتة تماما وغير مبالية أبدا ونظام بشار الأسد يتلقى الصفعة المهينة تلو الأخرى من إسرائيل، وذلك بحسب روايات النظام نفسه.

وبشكل رسمي، استهدف موقع المفاعل النووي في سوريا وجرى قصفه بالصواريخ من قبل الطائرات الإسرائيلية، وكذلك استهدفت مواقع مختلفة للصواريخ السورية، وكذلك أيضا بالطائرات الإسرائيلية، إضافة إلى عمليات اغتيال بحق شخصيات مختلفة في قلب سوريا وفي قلب العاصمة دمشق مثل عماد مغنية، والطيران بجوار نوافذ قصر الرئيس، وضم الجولان بشكل رسمي وكامل لتصبح جزءا من إسرائيل.. كل هذه الصفعات المهينة للنظام حولته إلى «ملطشة رسمي» ولم يحرك ضمير أحد أو يتسبب في ذرف دمعة في عين أحد، ناهيك بأكثر من 130 ألفا قتلوا في ثلاث سنوات من الأبرياء السوريين على أيدي هذا النظام الدموي بشتى أنواع السلاح من كيماوي وصاروخي وغيرهما، فمن غير المقنع ولا المعقول أن يحدث الآن، لأن أميركا قررت أن النظام الذي «تجرأ» واستخدم الكيماوي على شعبه و«تجاوز» بالتالي الخط الأحمر الذي كان قد صرح به ومنع الاقتراب منه الرئيس الأميركي باراك أوباما، يبدو سخيفا وساذجا ومليئا بالنفاق والازدواجية والاستخفاف بالعقل؛ لأنه يعني أن هناك دما «رخيصا» يمكن أن نقبل التضحية به والمغاضاة عنه ما دام هذا الدم يُسفك بـ«أيدينا»، ولكن أن يتدخل «غريب» لوقف حد القتل فإن الرفض يجب أن يكون سيد الموقف ولا بديل عن ذلك الأمر!

وطبعا هذا يؤدي بنا إلى الحديث عن الخطوط الحمراء التي وضعت من جانب الرئيس الأميركي فيما يخص استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب، وبالتالي كانت الرسالة واضحة بأنه لا توجد أي خطوط حمراء ضد القتل بكل الأسلحة الأخرى، وكانت لذلك الأرقام مهولة ومفزعة بحق الشعب السوري.

السياسة الأخلاقية والنهج الإنساني يقولان إن الخطوط الحمراء كان يجب أن تكون واضحة وصريحة بأن أي قتل إبادي بحق الشعب هو خط أحمر لا يمكن قبوله من المجتمع الدولي ويحتم التدخل العسكري ووضع حد فوري له.

الحارس الوفي لحدود سوريا مع إسرائيل لمدة تفوق الأربعة عقود لن يضحى به بسهولة، ويتضح هذا الأمر أكثر مع «إبراز» إعلامي لـ«متوحشي» و«جرائم» الجيش الحر على صفحات الإعلام الأميركي المؤثر مثل الـ«نيويورك تايمز» والـ«وول ستريت جورنال»، والتحذير من وصول الجيش الحر للسلطة بديلا للأسد كان جزءا من خطة ضمانة أمن إسرائيل، وهي تماما كما صرح بذلك ابن خال بشار الأسد رامي مخلوف الذي قال: «أمن سوريا من أمن إسرائيل»، ولكن الثورة الشعبية الكبرى للشعب السوري ضد الأسد غيرت قواعد اللعبة القديمة، وبات بالتالي مطلوبا توجيه ضربة محدودة للأسد من باب تأديبه، ولكن هذه الضربة قد تفتح أبواب جهنم من داخل النظام نفسه على الأسد وزمرته، لأن المركب كثرت ثقوبه وبات الغرق وشيكا.