في كندا.. «راحوا الطيبين»!

TT

من قديم ما نعرف من الحكم والنصائح: كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده.

لعل هذه النصيحة السهلة العميقة، تنطبق بشكل مباشر على كيفية استخدام البشر الآن لأدوات التواصل الاجتماعي، وكل صرعاته وموضاته. الكل، تقريبا، له حساب خاص على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي: «تويتر»، «فيس بوك»، وكل ما هو آت آت. منهم من يتفاعل بحماسة، ومنهم من يتفاعل بروية، ومنهم دون ذلك.. طرائق قددا.

الرجل الذي خط الشيب عارضيه، وألقت السنون بوطأتها عليه، تجده يتفاعل وينشط، وغالبا يحول حسابه إلى منصة تبشير و«توعية» على اعتبار أنه يأمل من الشباب الجديد أن يتلقى منه المعرفة والوعي السياسي، والشيوخ هؤلاء منهم الناصري الغارق في رومانسية الحلم العربي، ومنهم الثائر الأحمر الأممي، ومنهم الداعية الإخواني الهوياتي. فأي شيخ يتبعه شباب الإنترنت منهم؟

هذا الشاب الغض، الذي هو هدف الشيوخ، والصيد السهل لمن يريد كسب قاعدة جماهيرية جديدة، بعد أن عز الهاتفون، وشح المؤيدون، أيضا يعيش تنوعه الآخر. منهم من يرى في نفسه الندية مع الشيوخ، ومنهم الأجوف النزق، الذي تحركه الرياح يمينا وشمالا:

يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن

وإن لقيت معديا فعدناني!

ما يقلق حقا ليس الشباب الذين يجرون في عشريتهم الثانية، بل من هم دون ذلك، أعني من تعدوا سنتهم الـ10 نحو الـ15. هؤلاء شبه أطفال، وينشطون بحماسة في «تويتر» وغيره، من دون أن يعرف المتابع لهم حقيقة سنهم ووعيهم. كلنا رأينا أطفالا أو بالكاد درجوا من عش الطفولة، وهم يعبثون بجهاز «الآي باد»، ويبحرون بـ«غشامة» في لجج الإنترنت. والأب والأم عن هذا في غفلة أو يأس من التوجيه، أو هم أيضا يبحرون في لججهم، في مشهد عبثي خطير، لا تدري أي وعي وأي جيل سيكون نتاج هذا الحال.

ما هو الحل؟! الحق أن الحل فردي بحت، فما من قانون يعصم من الطوفان.

حل كهذا الحل ربما:

قرأت في الإخبارية الألمانية أن أسرة كندية دخلت عالم الشهرة بعد أن تبنت فكرة مبتكرة هي خلو المنزل تماما من أي وسائل تكنولوجية مصنوعة بعد عام 1986، من أجل تشجيع أطفال العائلة على اللعب خارج المنزل.

وقال الخبر إن بلير ماكميلان (27 عاما) وزوجته موران ذات الـ27 عاما وطفليهما تيري البالغ عامين ودينتون ذي الأعوام الخمسة خططوا للعيش وكأنهم في عام 1986 لمدة سنة على الأقل.

أوضح ماكميلان لصحيفة «مورنينغ إديشن» أنه اعتاد في صغره على اللعب في الخارج ولاحظ مدى اختلاف أطفاله عنه. وأشار الوالدان إلى أن اختيارهما لعام 1986 باعتبار أن هذه السنة هي التي شهدت مولدهما معا وتعكس شوقا لحياة الطفولة التقليدية.

تجربة هذه الأسرة وجدت ترحيبا كبيرا في الصحافة الكندية والأميركية وأشاد الكثير من القراء بها.

حتى الخواجات لديهم حنين لزمن «الطيبين».