في محنة الديمقراطية العربية

TT

وردتني تعليقات كثيرة على ما كتبته بشأن حق التصويت والحكم الديمقراطي. السيد غسان أيوب يسخر منا وبحق فيقول هذه هي صناديق الاقتراع التي ناديتم بها. ولكنكم بادرتم للاعتراض عليها حالما طبقت. فلماذا؟ أتريدون ديمقراطية في قالب مختلف؟ يا سيدي أنا شخصيا كررت باستمرار حصر حق التصويت بالمتعلمين، واعترضت باستمرار على إعطاء هذا الحق للأميين. فهذا سر تخبط الديمقراطية العربية وفشلها. وقد شاركني في هذا الرأي القارئ الفاضل عبد الله المستفن من فرنسا.

ويشير السيد إياد إلى حقيقة تاريخية، فيقول إن الأحزاب الإسلامية كانت موجودة في العالم العربي منذ زمن طويل. فلماذا كل هذه الضجة الآن وكل هذا الاعتراض عليها؟ لم تكن هناك في الواقع أحزاب إسلامية سياسية، ربما باستثناء مصر التي ظهرت فيها حركة الإخوان المسلمين. كانت هناك على الأكثر منظمات ومؤسسات إسلامية كجمعية الإخوان المسلمين. ولكن معظم نشاطها انحصر في الميدان الثقافي والاجتماعي، مثل الاحتفال بالمناسبات، كإحياء ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام، وإلقاء المحاضرات، والمشاركة في الأعمال الخيرية. هكذا كان الأمر في العراق. لا اعتراض على أي من ذلك. ظهرت المشكلة عندما تأسست أحزاب الإسلام السياسي التي سعت إلى انتزاع الحكم وفرض برامجها بالقوة حتى على غير المسلمين. وراحت تتدخل في سلوك الناس وحياتهم. تكفر البعض وتحث على القتل وتمارس الإرهاب. هذه هي المشكلة.

كنت قد خضت كثيرا في موضوع الربيع العربي في سوريا وسعي الأكثرية لاستعادة الحكم من أقلية طائفية. أيدت ذلك بحماس. بيد أن السيد جوزيف مطر كتب لنا من ألمانيا يعبر عن استغرابه من سكوتي في هذه الأيام وعدم الخوض في الموضوع. هذه ملاحظة قيمة منك يا أخانا جوزيف. وسكوتي أصبح جزءا من ظاهرة عالمية نلمسها في التردد الذي أصبح الآخرون، ولا سيما في الغرب، يشعرون به حيال الوضع في سوريا. هناك خوف حقيقي من وقوع الحكم في سوريا بيد إسلاميين متشددين بعد سقوط الأسد.

وردت تقارير كثيرة عن نشاط «القاعدة» وسواها من المنظمات الإسلامية الإرهابية والجهادية وتدخلها بكثافة في الساحة السورية. يا ليتهم يعون ذلك ويرعوون عن زج أفكارهم وأساليبهم في الشأن السوري. لقد أصبح الإسلامويون شوكة في جسم النضال العربي من أجل التحرر والتقدم ومحاربة الفساد. أصبحنا نخشى فعلا من سقوط مستقبل الأمة بأيديهم ليعيدونا إلى القرون الوسطى، ويزجوا ببلادنا في شتى المشاكل مع الدول الأخرى، ويحولوا بلادنا إلى قاعدة للإرهاب العالمي، ويتسببوا بهجرة النخبة المتعلمة وأبناء الطوائف غير الإسلامية. من أجل سوريا عليهم ألا يزجوا بأنفسهم في أمورها. أصبحوا عقبة ضد التغيير والتقدم.

كتب السيد شادو من أميركا يقول إنه أصبح يُسكت صوت التلفاز عندما يسمع المالكي وعزت الشابندر وسواهما من ساسة العراق يتكلمون. ويعود ويفتح الصوت عندما ينطلق من امرأة! نعم يا سيدي. هناك كثيرون يدعون لتسليم الحكم للنساء. على الأقل لديهن صوت رخيم. أنا شخصيا قلما أستمع لأي كلام من ساستنا ومعلقينا. أتابع فضائحهم وجرائمهم فقط.