نكتة أقليات الأسد

TT

معلولا مدينة تاريخية في ريف دمشق، لها في وجدان التاريخ المسيحي المشرقي المكانة الكبيرة الاستثنائية، فيها أحد أقدم الأديرة المعروفة، وبها كنيسة تصنف كواحدة من الأقدم تاريخيا، ولا يزال أهلها يتحدثون اللغة الآرامية القديمة، وهي اللغة التي كان يتحدث بها المسيح عليه السلام.

وعندما وقعت في قلب أحداث الثورة السورية ودخلها الجيش السوري الحر مواجها أرتال الشبيحة الموالين لنظام الأسد، تناقلت المواقع الإخبارية، كل بحسب ميوله من الموقف السوري، أن الجالية المسيحية في المدينة تعرضت لموجة من العنف وأن الكنائس أيضا تعرضت للاعتداء والتخريب، وطبعا كانت ردود الفعل في الأوساط الدينية المسيحية في المشرق والمغرب هائلة ووظفها النظام السوري بشكل معتاد ليظهر أن البديل له هو التهديد من قبل «الجماعات الإرهابية المسلحة» التي لن ترحم الأقليات وستقتلها، وأن النظام هو «الضمانة» العلمانية والمدنية الوحيدة للحفاظ على التوازن الطائفي.

وطبعا، القارئ الموضوعي والمنصف للتاريخ الحديث في سوريا، وتحديدا حقبة الأسد ووالده، يعلم أن الواقع يقول غير ذلك تماما. فالأسد ونظامه أسهما في التضييق الاقتصادي الكبير بحق المسيحيين والأرمن، فاستطاعوا تهجيرهم بشكل قسري من سوريا بعد أن كانوا يضيقون عليهم سبل العيش ويفرضون غرامات وإتاوات للمشاركة الإجبارية مع المسؤولين وأنجالهم حتى أصبحت المسألة غير «مجدية» ولا «اقتصادية»، مما اضطرهم للرحيل والهجرة وبأرقام مهولة.

وكذلك الأمر بالنسبة للأكراد، الذين لم يسمح لهم بحقوق المواطنة إلا بعد قيام الثورة السورية وقيام الأسد بتقديم «ورقة» تنازل جديد لأجل الحفاظ على الكرسي والنظام نفسه، وطبعا قبل ذلك قام حافظ الأسد بإجراء «صفقة» مع اليهود في الولايات المتحدة الأميركية وكندا لإخراج كافة يهود سوريا بشكل متكامل ثم يعاد من سفرهم بعد ذلك إلى إسرائيل.

وهذا الذي تم، وهي مسألة معروفة لأنها كتبت في كتاب موثق ومشهور في كندا، كل ذلك كان أدلة وشواهد على «معاملة» النظام الأسدي الإقصائية بحق الأقليات مع دعم طائفته بشكل أساسي في المناصب الحساسة في الدولة التي تكون جهاز المناعة والنخاع الشوكي للنظام نفسه.

نظام يستبيح دور العبادة ويدمر أكثر من 1700 مسجد حتى الآن خلال هذه الثورة السورية ولا يتحرك النظام العالمي ولا رموز الأديان الأخرى! هو نوع رخيص من النفاق السياسي الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السورية، كونه لا يرى نظام الأسد في حقيقته كنظام طائفي بغيض يستعين بميليشيات طائفية وتدعمه دولة طائفية تؤجج الصراع بشكل مهول على الأرض السورية.

وبالتالي، لا يمكن أن تكون أحجار الكنائس والمساجد أهم من الدماء الطاهرة الزكية التي تنزف يوميا في سوريا على أيدي المجرم بشار الأسد، ومتى ما عرف المجتمع الدولي هذه الحقيقة كانت نهاية النظام فورا.