العلماء والفئران

TT

لا أدري لماذا يسعى العلماء دائما لإجراء تجاربهم على الفئران. أليس هناك حيوانات أخرى؟ ربما لأن دماغها الصغير لا يزيد في شيء عن دماغ الكثير منا، أو ربما لأنها ضعيفة وعاجزة عن مقاومتهم كالأسود والفهود، وهو ما ذكّرني بالمعري عندما وصف له الطبيب فرخ دجاجة، فقال: وصفوك لي لأنك ضعيفة، ولم يصفوا لي شبل الأسد! فرفض أكلها.

نحن مدينون للفئران بكثير من الاكتشافات الطبية والعلمية التي ساعدتنا على مضاعفة عدد سكاننا، من دون أن تساعدنا على تحسين أحوالنا وتفكيرنا مع الأسف. ومنها أن أحد العلماء أدخل عددا قليلا من الفئران في قفص، عاشت بسلام مع بعضها، ولم تتعارك على الطعام كما نتعارك. ثم أضاف مجموعة أكبر من الفئران، فازدحم بها القفص. سرعان ما أدى ذلك إلى العراك فيما بينها، فتعالى «وصيصها» وراح يعضّ بعضها بعضا وتتقاتل على الأكل. استنتج العالم أن الزحام وكثرة النفوس تؤدي للاضطراب وتوتر الأعصاب.

للعلماء جهالاتهم وسذاجاتهم. فلا أدري لماذا قام العالم بهذه التجربة على الفئران؟! كل ما كان يحتاج إليه للوصول إلى تلك النتيجة هو أن ينظر إلى مصر ويرى ما تؤدي إليه كثرة السكان.

ارتكب عالم آخر حماقة أخطر، عندما شاء أن يطبق نظرية التطور وأصل الأنواع لداروين، فجاء بعدد من الفئران، وراح يقطع أذيالها ثم أذيال أبنائها وأبناء أبنائها أملا في أن يحصل في الأخير على جيل من الفئران تولد من دون ذيل. سمع بهذه التجربة برنارد شو فأعرب عن سخطه لما كان يقوم به ذلك العالم؛ قال: أفٍّ لك! تعذب هذه الحيوانات الصغيرة العاجزة وتقطع أذنابها لتحصل على فأر غير مذنب؟! لمَ كل هذا التعب والعذاب؟ انظر إلى اليهود. منذ نحو ثلاثة آلاف سنة وهم يقطعون الغلفة ويطهرون أولادهم، ومع ذلك لم نسمع عن امرأة يهودية واحدة ولدت طفلا مطهرا من أصله من دون غلفة.

ووقع عالم ثالث بمثل هذا الجهل في تجربة أجراها أيضا على فأر أمام الطلبة؛ حرمه لعدة أشهر من الاختلاط بأي أنثى. وهو ما يمر به شبابنا لأعوام وأعوام، ثم قطع عنه الأكل لعدة أيام، وهو أيضا ما يمر به كثيرون في الصومال. وأخيرا ربط فأرة إلى يسار القفص. ووضع قطعة من كعك الكرواسون في يمين القفص. وأطلق سراح ذلك الفأر. جرى الفأر سريعا لقطعة الكرواسون، وانشغل في أكلها بنهم. أعاد التجربة بعد قليل، ولكنه في هذه المرة وضع قطعة من البسكويت بدلا من الكعكة الكرواسون. أسرع الفأر إليها والتهمها وعاد إلى مكانه. كرر التجربة للمرة الثالثة، ولكنه وضع قطعة خبز عادية بدلا من البسكويت. ركض الفأر إليها، وأكلها بشوق، وعاد لمكانه يتجشأ. التفت العالم للطلبة وشرح لهم قائلا: ألا ترون أن الحيوانات تفضل الأكل على الجنس. رفع أحد الطلبة يده وقال للعالم: ولكنك يا سيدي غيّرت الطعام ولم تغير الفأرة.. هذه الفأرة زوجته!