لم يعد هناك تعاطف مع العمال الأميركيين

TT

يعد عيد العمال في الواقع مناسبة لإظهار الاحترام والتقدير للعمال، وقد بدأت القصة عام 1894 عندما دخل عمال شركة «بولمان»، الذين كانوا قد تعرضوا لتخفيضات في رواتبهم في أعقاب الأزمة المالية، في إضراب عن العمل - وأمر الرئيس غروفر كليفلاند بنشر 12.000 جندي لفض هذا الإضراب. وقد نجح الجنود في فض الاعتصام، لكن استخدام القوة المسلحة لحماية المصالح كان صارخا وصادما للدرجة التي جعلت الناس في ذلك العصر يشعرون بالصدمة. ونتيجة لذلك، قام الكونغرس، في محاولة واهية لاسترضاء الشعب، بالموافقة بالإجماع على قانون ينص على تكريم رمزي للعمال في البلاد.

من الصعوبة بمكان أن نتخيل ذلك الآن، ولكن ليس من الصعب تخيل الأزمة المالية وتخفيض الأجور - فهذا ما يحدث حولنا في كل مكان الآن - وليس من الصعب أيضا تخيل قيام الدولة بخدمة مصالح الأثرياء، ولنلق نظرة على الذين تم إنقاذهم من الناحية المالية ومن تم تجاهله، عقب ركود الاقتصاد الأميركي وفشل النظام المصرفي عام 1893. والشيء الذي لا يمكن تخيله أو تصوره الآن هو قيام الكونغرس بالإجماع بتقديم لفتة بسيطة لدعم كرامة العمال، علاوة على حقيقة أن العديد من السياسيين اليوم لا يمكنهم التعبير حتى عن احترام وهمي للعاملين الأميركيين العاديين.

ولننظر، على سبيل المثال، كيف تعامل إريك كانتور، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، مع عيد العمال العام الماضي، حيث بعث برسالة على موقع «تويتر» تقول «اليوم، نحن نحتفل بأولئك الذين تحملوا المخاطر وعملوا بجد وأسسوا مشروعات وحققوا نجاحات». لقد رأى كانتور عيد العمال على أنه مناسبة لتكريم أصحاب الأعمال!

ولكي نلقي نظرة أوسع على ذلك، يجب علينا أن نضع في الاعتبار التعريف الآخذ في الاتساع لأولئك الذين ينظر إليهم المحافظون على أنهم طفيليات. يصب المحافظون جام غضبهم على أولئك الذين يعتمدون على الرعاية الاجتماعية، ولكن حتى في ذروة هذا البرنامج لم يتجاوز عدد الأميركيين المعتمدين على المعونة المقدمة للأسر المعلية نحو 5 في المائة من تعداد السكان، كما أن المستفيدين من البرنامج الجديد الأقل سخاء الذي حل محل هذا البرنامج لتقديم المساعدات المؤقتة للعائلات الفقيرة كانوا أقل من 2 في المائة من الأميركيين.

وحتى عدد الأميركيين الذين اعتدنا على التفكير في نظام الرعاية الصحية من أجلهم قد انخفض، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد «الآخذين» وليس «الصانعين» - الأشخاص الذين اشتكى منهم ميت رومني عندما قال «لن أقنعهم مطلقا بأنه يتعين عليهم تحمل مسؤوليتهم الشخصية والاهتمام بحياتهم» - ليشمل ما يقرب من نصف السكان. وعلاوة على ذلك، فإن الغالبية العظمى من هذا الجيش من المتسكعين تتكون من الأسر العاملة التي لا تدفع ضرائب على الدخل، لكنها تدفع ضرائب على الرواتب (ومعظم الباقين من كبار السن).

كيف يمكن النظر لشخص يعمل من أجل توفير قوت يومه على أنه المعادل الأخلاقي لشخص متسكع يعتمد على الرعاية الاجتماعية؟ جزء من الإجابة يتمثل في أن العديد من المنتمين لتيار اليمين يتلاعبون بالكلمات، فهم يتحدثون عن شخص لا يدفع ضرائب الدخل، ويأملون ألا يلاحظ المستمعون كلمة «الدخل» ونسيان كل الضرائب الأخرى التي يدفعها الأميركيون أصحاب الدخل المنخفض.

غير أنه من الحقيقي أيضا أن أميركا الحديثة، فيما تملك قدرا هائلا من الرفاهية التقليدية المستبعدة على نطاق واسع، فإن لديها برامج أخرى مصممة لمد يد العون للأفراد الأقل ثراء - على وجه الخصوص ائتمان ضريبة الدخل المكتسب وطوابع الطعام وبرنامج «ميديكيد». وغالبية المنتفعين من هذه البرامج إما الأطفال أو المسنون أو البالغون العاملون - ينطبق هذا بموجب التعريف على الائتمان الضريبي، الذي يدعم فقط الدخل المكتسب، ويتضح عمليا أنه ينطبق على البرامج الأخرى. ومن ثم، إذا كنت تعتبر شخصا ما يعمل بجد لمحاولة تحقيق أهدافه، لكنه يحصل على بعض الدعم من الحكومة، متسولا، فسوف تنظر بازدراء لقطاع واسع من العمال الأميركيين وأسرهم.

فقط انتظر إلى أن يبدأ برنامج أوباما للرعاية الصحية الشاملة «أوباما كير»، ويبدأ الملايين من الأميركيين العاملين في تلقي مساعدات لعونهم في شراء تأمين صحي.

قد تسأل: لماذا يجب أن نمنح أي مساعدة للأميركيين العاملين - في المقام الأول، ليسوا معدمين تماما؟ لكن الحقيقة هي أن عدم التكافؤ الاقتصادي قد ازداد بشكل هائل خلال العقود القليلة الماضية، وفيما تملك مجموعة كبيرة من الأفراد دخولا ضخمة، يجد عدد أكبر من الأميركيين أنهم بصرف النظر عن العمل الشاق الذي يقومون به، فإنهم لا يمكنهم تحمل مصاريف أساسيات معيشة الطبقة المتوسطة - التأمين الصحي على وجه الخصوص، ولكن حتى وضع الطعام على الطاولة يمكن أن يمثل مشكلة. القول بأنه يمكنهم الاعتماد على جانب من المساعدة لا يجب أن يجعلنا ننظر إليهم نظرة احتقار، ولا يجب بالتأكيد أن يقلل من قدر الاحترام الذي نكنه لأي شخص يعمل بجد ويلتزم بالقواعد.

لكن من الواضح أن هذه ليست الصورة التي يراها الجميع. على وجه الخصوص، هناك عدد كبير من الأثرياء في أميركا ممن يعتبرون أي شخص فقير ضائعا - وهو اتجاه تضخم مع اتساع الفجوة بين نسبة الواحد في المائة الأكثر ثراء وبقية فئات الشعب. ولدى هؤلاء الأفراد كثير من الأصدقاء في واشنطن.

من ثم، هل سنسمع في هذا الوقت أي شيء من كانتور وزملائه يشير إلى أنهم يكنون بالفعل الاحترام لمن يعملون من أجل كسب رزقهم؟ ربما. لكن الشيء الوحيد الذي سنعرفه بكل تأكيد هو أنهم لا يعنون هذا.

* خدمة «نيويورك تايمز»