الرئيس أوباما مستمر في غض الطرف تحت الضغط

TT

لقد غض الطرف عن سوريا، وعن لاري سامرز.

والآن، جاءت قضية سقف الدين.

بعد غض الطرف ثلاث مرات، تكون قد استنفذت فرصك. لكن بالطبع لن تكون ثلاث مرات فقط.

غض الرئيس الطرف عن التخفيضات الضريبية لبوش بداية هذا العام بموافقته على مد 82 في المائة منها، وفي يوم الثلاثاء، سجل مكتب الموازنة العامة للكونغرس توقعاته، بوصول حجم الدين الإضافي إلى نحو 4 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وهي خسارة مالية متوقعة سوف يستغلها الجمهوريون في القضاء على الاستثمارات الحكومية الأساسية. (في عام 2023، بحسب توقعات مكتب الموازنة العامة للكونغرس، سوف يبلغ حجم الخسارة في الإيرادات من مد حزمة تخفيضات بوش الضريبية نحو 700 مليار دولار).

سوف يتساءل الحزب الجمهوري عن كيفية إنفاق المزيد على البنية التحتية ومرحلة رياض الأطفال والأبحاث، في الوقت الذي يلوح فيه في الأفق شبح الديون المذموم؟

كيف بحق يجري هذا، فيما غض الرئيس أوباما الطرف وأبقى على مجموعة تخفيضات ضريبية كان الديمقراطيون قد عارضوها على مدى عقد كامل بوصفها ستزيد من الأعباء المالية الملقاة على كاهل أميركا؟

وفي وقت مواجهة «هاوية مالية» قبل تسعة أشهر، أعلن البيت الأبيض عن انتصار (يشبه إلى حد ما سوريا، بعبارة أخرى. امنحوا الأمر وقتا). بالنسبة للبعض منا في ذلك الوقت، ولأي شخص ينظر إلى توقع الأولويات التقدمية الآن، لم يكن ذلك مكسبا. بل كان استسلاما.

وبينما نتوجه إلى صدام الميزانية هذا الخريف، سيكون من الصعب تجنب الإحساس أن السلطة تستنزف من الرئيس. وأذكر أنه تصادف وجودي في لندن خلال الأسبوع الذي توفيت فيه مارغريت ثاتشر في أبريل (نيسان)، كان الجميع يردد ذات الفكرة في تقييمهم لأدائها كرئيسة للوزراء. كانوا يرون أنها «انتهزت فرصة سياسية وأحكمت قبضتها عليها كما لم يفعل أي رئيس وزراء في فترة ما بعد الحرب».

لا غضاضة في إطلاق هذا الحكم على غض الرئيس طرفه عن كثير من الأمور، فقد أجاد أوباما في الفوز بالاهتمام الإعلامي قبل أن يعود ليغض الطرف عنها، كما هو الحال مع حملته للسيطرة على السلاح بعد ساندي هوك أو قانون الوظائف أو رياض الأطفال.

وتبدو الحالة العقلية لرئيسنا في كثير من الأحيان حالة من «اللامبالاة».

كان أهم ما غض أوباما الطرف عنه هي البنوك. وهذا ما لا يريدك البيت الأبيض أن تعتقده، ونحن نستقبل الذكرى الخامسة لانهيار بنك ليمان براذرز.

لكن المذهل، هو أننا نخاطر بتكرار التجربة. فقد دق محافظ الاحتياطي الفيدرالي دان تارولو ناقوس الخطر تجاه الأخطار المتعلقة باعتماد المصارف المستمر على التمويل الدائم، في الوقت الذي تدار فيه بنفس الصورة التي تسببت في انهيار عام 2008. فغالبية المشتقات المالية لا تزال يجري تداولها في سوق غير منظمة، كما عبر عن ذلك تقرير شبكة بلومبيرغ. وقد خلصت شيلا باير، مديرة مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية السابقة بـ«حزن» في مقالها في صحيفة «فينانشيال تايمز» يوم الثلاثاء إلى أن «البنوك صار أكثر أمنا عما كانت عليه قبل عام 2008 بصورة هامشية فقط».

صحيح أن الطبقة الأساسية من رأس مال البنك ارتفعت من 5 في المائة متجاوزة نسبة 11 في المائة (مفترضا أنك تؤمن بالأرقام وجودة رأس المال هذه كما أورد البنك). وهذا أمر جيد. لكن السيناتور شيرود براون يدفع تشريعا سيرفع رأس مال البنك إلى نسبة 15 في المائة. وقبل أن تجيب حسنا، فكر فيما قاله لي بول أونيل، وزير الخزانة الأسبق في عهد جورج بوش وآخر جمهوري معتدل في مقابلة هاتفية يوم الاثنين والذي يؤيد رفع رأس مال البنك إلى 20 في المائة، وهو ما يقارب ما تشترطه المصارف السويسرية. (قال أونيل لسيناتور جمهوري بارز خلال الصراع على خطة دود ـ فرانك أن أفضل إصلاح سيكون قانونا من صفحتين يتطلب نسبة رأس مال نسبته 20 في المائة ولا شيء آخر، ولا حاجة إلى 2500 صفحة من الإدارة التفصيلية أو قواعد فولكر التلمودية. وأكد أونيل أنك إذا دفعت البنك إلى الاحتفاظ برأس مالي كاف، فسوف يكون ذلك أكثر حصافة بالنسبة لواشنطن).

غض أوباما الطرف عن أمن البنوك قبل بلوغ تلك النسبة. لكن ما يستحق أوباما الإشادة به، كان المكان الوحيد الذي لم يغض الطرف عنه وهو الرعاية الصحية. ففي كاليفورنيا حيث أعيش يتوقع أن يحقق جيش يتألف من 20 ألفا من مستشاري الرعاية الصحية المسجلين مدعومين بميزانية دعاية ضخمة من قانون الرعاية الصحية ذي التكلفة البسيطة نجاحا.

لكن عدم غض الطرف لم يكن أسلوب أوباما. فعندما يحين موعد سقف الدين، ويحاول بضع عشرات من الجمهوريين قيادة البلاد إلى مغامرة جريئة، تحدوني رغبة في أن أطرح مرادفا ملائما لكلمة «الإذعان»، كنوع من الخدمة العامة لزملائي في الإعلام. وستأتي قائمة هذا الموسم مرفقة بمناشدة.

فمع ارتفاع حجم المخاطر، أرجو منك سيادة الرئيس ألا تتراجع أو تستسلم أو ترضخ أو تنحني أو تخضع أو تتملق أو تنهار، ومهما فعلت فلا تتراجع.

ولأنه بغض النظر عما يقوله مهرجو واشنطن، فلن يتقدم فلاديمير بوتين بخطة ميزانية (ودرس) لإنقاذك.

* خدمة «واشنطن بوست»