لنستبق إشكالا مع إيران على النسق السوري

TT

تبدو المعضلة السورية في أسوأ تجلياتها على صعيد كيفية تأثيرها على الأسلوب الذي ستتعامل به إدارة الرئيس باراك اوباما مع إيران، راعي سوريا، وما ستستخلصه طهران من تصرفاتنا.

بالمختصر، لن يواجه بشار الأسد أي عقاب – إلا اذا اعتبرنا تخليه عن أسلحة ما كان يجوز له استخدامها عقاباً –، وسيبقى في السلطة قبل أن يكمل التفاوض، وهذا تجاوز سيدفع الأطراف المعنية مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي. ولقد أعدت لجنة السياسة الخارجية التابعة للحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ دليلاً مفيداً لما تضمه الاتفاقية الخاصة بسوريا:

بدايةً، أنها تطبق بلغة دبلوماسية في «بيئة غير مؤاتية»، مع أن الأدق وصفها بساحة حرب، ما يعني أن المراقبين والمنفذين سيكونون في خطر ومن الضروري حمايتهم. وبعدها سيعود لمجلس الأمن إعداد مسودة القرار الأولي الذي يحكم بنود تطبيق الاتفاقية. وهنا أي انتهاك سيعاد إلى المجلس.

طبعاً روسيا تتمتع بحق النقض (الفيتو) في المجلس، وهي لم تجبن عن استخدامه لحماية دمشق بل استخدمته ثلاث مرات. أضف إلى ذلك أن روسيا ما زالت تصر على أن قوات المعارضة السورية هي التي استخدمت السلاح الكيماوي يوم 21 أغسطس (اب) الماضي.

أكثر من هذا، في ما يتعلق بالإعلان الأوّلي الذي ستقدمه سوريا عن سلاحها الكيماوي، تقدّر وزارة الخارجية الأميركية أن روسيا، نفسها، لم تُصدر إعلاناً كاملاً عن برنامج سلاحها الكيماوي، كما تفرض «اتفاقية الأسلحة الكيماوية».

وزد على ما تقدم، اننا علمنا اليوم (من أ.ب) أن سوريا فوّتت أول «مهلة أخيرة» محددة لها، ما يعني أن المهلة كأنها لم تكن.

إن الصفقة الأميركية - الروسية الطموحة الهادفة إلى نزع سلاح سوريا الكيماوي، التي عُدت إنجازاً دبلوماسياً قبل بضعة ايام فقط، واجهت اول تعطيل يوم الأربعاء الماضي، مع مؤشرات على أن دمشق لن تقدم جردة بمخزونها السام ومرافقها إلى المفتشين الدوليين بحلول مهلة نهاية هذا الأسبوع.

الخارجية الأميركية لمحت إلى أنها لن تصر على أن يقدم بشار الأسد قائمته بنهاية فترة الأيام السبعة المحددة في إطار الصفقة بين واشنطن وموسكو في جنيف. ومن جهتها لا تحاول دمشق حتى الإيحاء باستعدادها للانصياع بينما لا نصر نحن على فرض التنفيذ.

لقد كان هناك تخوف كبير عند المشرّعين الأميركيين، من الحزبين، قبل المهزلة الحاصلة مع سوريا من أن تحاول إيران استغلال المفاوضات المزمعة لمنع أي تحرك أميركي أو إسرائيلي مع تسريعها مشروع سلاحها النووي، وهو ما يبدو اليوم واقعاً حتمياً.

لهذا رفع 76 من اعضاء مجلس الشيوخ رسالة إلى البيت الأبيض يوم 5 أغسطس (آب) جاء فيها «... على إيران أن تفهم أن وقت الدبلوماسية يشارف على النهاية. ونحن نناشدكم مطالبة إيران بخطوات فورية وجدية...».

إننا نعتقد بوجود أربعة عناصر استراتيجية لا بد منها لضمان حل هذا الأمر هي: رسالة واضحة قاطعة بأنه لن يسمح لإيران بالاستحواذ على السلاح النووي، وإبداء إيران شفافية مخلصة إزاء المفاوضات، والإبقاء على العقوبات بل والتشدد فيها، وتوافر تهديد مقنع باللجوء إلى القوة لا مفر لإيران إلا بتصديقه.

* خدمة «واشنطن بوست»