حول كلمة الأمير سلمان

TT

في كلمة استثنائية في لغتها ومضمونها ورسائلها وتوقيتها، وجه الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد وزير الدفاع السعودي، كلمة للسعوديين بمناسبة اليوم الوطني للبلاد، كلمة تستحق التأمل.

تحدث ولي العهد عن أن هذه الذكرى تحل والبلاد تنعم بالأمن والاستقرار، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي لا يدخر جهدا في تنمية الدولة وخدمة المواطن، خاصة الشباب.

ميزة كلمة الأمير سلمان هي في مستوى صراحتها، وإيصال رسالة واضحة لمن يهمه الأمر أن القيادة السعودية ليست معزولة عن حديث الناس وليست غافلة أو متغافلة عن نقدهم بل وتذمرهم أحيانا. ولكن كانت الكلمة واضحة في التمييز بين الحقيقي والمنحول في هذا النقد، والفعلي والزائف فيه.

إذن، لدينا نقد مقبول، حتى لو كان حادا، ولدينا هدم مرفوض، حتى لو كان ناعما، هنا فيصل التفرقة بين اتجاهين.

مما جاء في الكلمة:

* «كل المراهنين على زعزعة استقرار دولتنا خسروا من الجولة الأولى، وكل من راهن على ضعف ولاء المواطنين لبلدهم فشلوا منذ اليوم الأول، نسي هؤلاء كلهم أن ركائز الدولة مشتركة مع قيم الأفراد، وأن هذه الدولة قامت على سواعد أجدادهم فصنعوا الوحدة وحافظوا عليها».

* «لا يمر يوم على أي دولة عظيمة صغيرة أو كبيرة، غنية كانت أو فقيرة، من دون أن تعيش تحديا وصعوبات، في الأمن أو الاقتصاد، في الموارد أو في الظواهر الطبيعية أو في الصحة أو حتى في المناخ، ونحن جزء من هذا العالم لدينا تحدياتنا التي نواجهها بشجاعة، نتشارك نحن والمواطنون الأوفياء في الحل والتطبيق، نجتهد ونعمل وبالله التوفيق، لكننا لا نتجاهلها ولا نتركها خلف ظهورنا، نسعى للتغيير متى ما كان الوقت ملائما».

* «التركيز على النقائص والعيوب بوجه يفوق المحاسن والمزايا مهما عظمت أمر معتاد، لكن لا يجب أن يسيطر هذا الشعور المحبط فيمنعنا من العمل والإنتاج».

التفات الإنسان إذن إلى ما ينقصه وما يثير غضبه، أمر معتاد، وشعور طبيعي، يجب على الدولة ألا تتوجس منه، حتى في بيت المرء يجد عيون النقد من أهله أكثر اتساعا من حدقات المديح. غير أن ما لا يحمد ولا يجوز هنا هو تسخير هذه المشاعر الطبيعية، في خزائن تيارات وشخصيات لديها قرار مبيَّت ومؤكد بالاعتراض والتقويض، كل لغايته ومعتقده.

هذا أمر، والآخر أن هذه الدولة، وهذا المشروع العظيم، ليس خاصا بملك أو أمير أو أسرة بعينها، فمشروع الملك عبد العزيز كان مشروعا عاما وجماعيا لجيل التأسيس السعودي، وكان عبد العزيز هو قائد هذا المشروع، عكس الخطاب الهجائي الأسود الذي يبثه من يعادي السعودية، أو يجهل تاريخها وحقيقة ما جرى. والجاهل يأتي بالعجب.

كلمة مميزة، في وقت مختلف، وتحديات مختلفة، من ركن من أركان الدولة السعودية.