طارق السويدان وكتمان «الإخوان»

TT

طارق السويدان، داعية إسلامي كويتي نشط، مواقفه التي يبديها وتعليقاته المعلنة على أحداث مصر، على وجه الخصوص، لا يخفى فيها الانحياز للرواية الإخوانية فيما جرى بمصر، ورؤية المشهد المصري بنظارات الدعاية الإخوانية، وعدسات ميدان رابعة.

أخيرا، كما نشر موقع «سي إن إن»، نشر السويدان تعليقا على حكم قضائي مصري بحظر جماعة الإخوان.

السويدان قال عبر صفحته في موقع «تويتر»: «هل حظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر سينهي وجودها؟». وتابع في تغريدة أخرى: «كيف يطالبون الجماعات الإسلامية بالعلنية ونبذ العمل السري تحت الأرض ثم يحظرون وجودهم الرسمي!!! أي تناقض هذا!! أفيقوا».

علامات التعجب المكررة منه، والمهم هنا هو أن جدل السويدان يقوم على بناء جدلي هش.

ذلك أن «الإخوان» أصلا، وحتى وهم في سدة الحكم، ويجلسون على عرش مصر، لم يتخلوا عن النشاط السري لهم، لبسوا «بدلة» الجمهورية فوق «جلابية الإخوان»، ولم ينزعوا الأخيرة.

الشواهد كلها والوقائع المتتالية تفصح عن مساحة سرية ضخمة للجماعة، والسيد محمد مرسي موجود في قصر الاتحادية، تجلى ذلك في التمويل والتحشيد والتنسيق، ناهيك بالتساؤلات القائمة حول طبيعة علاقة الجماعة بالتيارات «الجهادية»، خاصة جماعات سيناء، والإفراج عن عشرات، بل مئات المعتقلين من كوادر وقادة هذه الجماعات الجهادية في عهد مرسي، ويكفي الغزل الذي لاحظناه بين جماعة الإخوان «السلمية» ورموز أفصحت عن نهجها العنيف دون مواربة، مثل محمد الظواهري، شقيق أيمن، وعاصم عبد الماجد.. إلخ.

ثم إن النهج السري للجماعة مصاحب لها منذ لحظة التأسيس، منذ كان حسن البنا نجما سياسيا، له صحفه وحزبه وتحالفاته وكشافته التي تنزل للشوارع مستقبلة هذا الزعيم أو ذاك، أو مسلطة على هذا السياسي أو ذاك، بما يتوافق مع توجيهات المرشد ومصالح الجماعة، وكله باسم المنافحة عن الدين القويم.

أقول إنه في نفس هذه المرحلة العلنية الجهرية في العهد الملكي وبدايات عهد يوليو (تموز)، كان «النظام الخاص» أو التنظيم السري، كما عرف في الإعلام، يتحرك وينشط، بالعنف والاستخبارات، والقتل والتفجير، يغالط في هذا الأمر من هو «جاهل» بالتاريخ، أو عارف به، لكنه يستغفل الجهال، وما أكثرهم.

ويكفي تذكر دور أسماء مثل عبد الرحمن السندي ومحمود عساف، والمرشد مصطفى مشهور، أستاذ بديع ومرسي والشاطر. في هذا النظام السري.

جماعة الإخوان لم تتخل يوما عن العالم السري لها، لأنها لا تثق بشرعية العالم العلني، ولديها مشروعها التدريجي لحيازة «أستاذية» العالم، كما قال المؤسس حسن البنا، والمرشد الأخير بديع، و«الأستاذية» تقتضي الحذر والكتمان حتى تعلن.

ميزة ما جرى لحظة ظهور «الإخوان» في مصر، هو أنهم أصابتهم سكرة القوة، وظنوا أنهم مانعتهم فورتهم من الانحسار والغضب الشعبي، فعزبت عنهم الهموم وباحوا «بشيء» من السر المكتوم.

هذه، في ظني، هي الثمرة المفيدة مما جرى، ثمرة التوعية بجوهر المشروع والبرنامج الإخواني، لمن كان غافلا أو متغافلا.