من يشتاق لأرشيف التلفزيون السعودي؟

TT

حسنا فعلت شبكة القنوات الرياضية السعودية الحكومية بتخصيص قناة عن الأرشيف الرياضي السعودي القديم، عن «الرياضة زمان»، وأغلب المحتوى طبعا عن كرة القدم، بعضه بالأبيض والأسود، من أيام الملك فيصل. تجربة ممتعة أن تتابع هذه القناة، وتستروح عبق الماضي، وتتذكر منافسات وأفراح وأتراح الجيل الماضي، جيل ملعب الصايغ وملعب الصبان.

أرشيف التلفزيون السعودي حافل بالكثير من المواد الممتعة، من جانب، والمفيدة للباحث من جانب آخر. تحولت الصورة، مع عصر التلفزيون، وقبلها الكلمة المسجلة، مع عصر الراديو، إلى أرشيف وطني للذاكرة. لكن للأسف لم يجرِ الاحتفاء بهذا الأرشيف وخدمته كما يجب. شباب وشابات لم يعرفوا كيف كان الإعلام في الماضي، وما هي ساعات ذروته، وماذا كان يشاهد آباء اليوم، أطفال الأمس، وأمهات اليوم، وصبايا الأمس.

الغريب أن الحنين يعصف بكل سعودي، حتى لو لم يدرك تلك الأيام، حين يشاهد، بالصدفة، مادة أرشيفية عن الماضي، أو يبحث عنها على موقع «يوتيوب»، حتى إن بعض هؤلاء العشاق للأرشيف فتح قنوات خاصة به على «يوتيوب». لا عجب في هذا، فثروة الإعلام السعودي من هذا الأرشيف ثمينة، إذا عرفنا أن افتتاح محطة التلفزيون السعودي قاربت النصف قرن. افتتاح التلفزيون السعودي كان عام 1965 ودخلت الألوان لشاشة التلفزيون عام 1976، وكانت البداية متواضعة مع ساعات بث محدودة في اليوم، تنامت مع الوقت، وكان البث موزعا بين محطات الرياض وجدة والمدينة والدمام والقصيم. هناك قادة وبناة لقصة التلفزيون السعودي، في مقدمتهم الوزير جميل الحجيلان، وكان للوزير محمد عبده يماني بصماته. في هذه القصة شخصيات وبرامج ومناسبات وأحاديث ومسلسلات وأغان، كانوا متعة السلف السعودي، وبهجة السمر.

من ينسى برامج محمد حسين زيدان ود. عبد الرحمن الشبيلي والشيخ المسند والشيخ الطنطاوي والأيوبي والسباعي ومحمد بن شلاح المطيري؟

من ينسى صوت المعلق على المصارعة الحرة إبراهيم الراشد، وتعليقاته الأخرى على برنامج الحياة الفطرية؟

من ينسى مسلسلات: راس غليص، ووضحى وابن عجلان، والدمعة الحمراء، وأصابع الزمن، ومسرح التلفزيون، والليث الأبيض، وسندباد؟

من ينسى حفلة عبد الوهاب الدوكالي على المسرح في الرياض. وبرامج جاسم العثمان وحواراته مع حسين عبد الرضا وأبو بكر سالم؟

من ينسى محمد التمامي وعبد العزيز الهزاع و«أبو مسامح» ولطفي زيني ومشقاص؟

من ينسى استقبالات الملوك فيصل وخالد وفهد، وعرضات صالة الدرعية وملعب الملز؟

من ينسى فوز المنتخب بأول كأس آسيوية، وبكاء المعلق علي داود، وحماسة محمد رمضان، وهدوء زاهد قدسي، وتشبيهات سليمان العيسى حين كان معلقا رياضيا، وثقافة أكرم صالح، والمقدمة الموسيقية للمباريات؟

هذا غيض من فيض الحنين.

أعرف أن هناك محاولة «تجريبية» لبث قناة سعودية أرشيفية، لكن لم تعمل بعد، فليتهم ينجزونها، ويجري تخصيص قناة بعنوان «زمان سعودي» أو شيء من هذا.

الأسرة السعودية كلها ستشاهدها، الكبير للتذكر، والصغير للتفكر.

قديمك نديمك.