مصر في أمان

TT

مصر الآن تعيش مرحلة صعبة، وتمخر سفينة البلاد عباب موج عنيف. لكن سفينة مصر ثابتة المسار.

الفضل في هذا الثبات يعود إلى معادلة واضحة مباشرة وهي توفر الرؤية وامتلاك العزيمة، ووجود القدرة.

توفر لدى قادة مصر رؤية واضحة لطبيعة مشكلة الدولة في السنتين الماضيتين، خصوصا بعد «تمكن» جماعة الإخوان من مقاليد الحكم، رؤية خلاصتها أن الدولة المصرية «تتآكل».

ثم توفرت عزيمة لتغيير هذا الواقع الخطير، ترجمها الفريق السيسي، قائد الجيش المصري حامي الدولة المصرية.

ثم توفرت القدرة على ترجمة هذه العزيمة إلى فعل على الأرض بعد جملة من الخطوات وصولا إلى انتفاضة كبرى أطاحت بحكم الإخوان.

كان حجر الأساس في نجاح هذه النقلة النوعية هو توفير حشد داخلي ودعم واحتضان خارجي. الحشد الداخلي لدعم التحول كان موجودا.

أما الاحتضان العربي فتوفر بالموقف السعودي الساطع، موقف غير مسار السياسة الدولية تجاه مصر. بخطاب خادم الحرمين، الذي نبّه الغافل والمتغافل في العالم إلى أن ما جرى في مصر هو إجراء شرعي يريده الشعب المصري، وتدعمه الدولة السعودية، والرسالة موجهة خصوصا لواشنطن. ونشطت الدبلوماسية السعودية دوليا في هذا الصدد. كما كان لدولة الإمارات دور مؤثر هنا.

هو موقف الدولة السعودية، وقبل أيام كانت كلمة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز مصباحا منيرا في هذا الطريق. حين أكد الأمير أثناء توديعه الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، في أول زيارة خارجية له، أن مصر «في أيدٍ أمينة، وأن المصريين عودونا على تجاوز أزماتهم، بإذن الله، فقوة مصر قوة للعالم العربي».

أتت كلمة ولي العهد السعودي هذه لتخبر من لم يصله الخبر أن السعودية كانت وستكون مع قوة وبقاء وعافية مصر التي يعرفها الجميع، لا مصر التي يريد لها المغامرون صورة أخرى.

هو موقف سعودي قديم جديد. سبقت الإشارة لقدمه بكلمات الملك المؤسس عبد العزيز، التي ذكرها المؤرخ الزركلي.

في 1946 زار الملك المؤسس عبد العزيز مصر واستقبل بحفاوة مميزة، ختمها أثناء العودة بخطاب أرسله لشعبه: «شعبي العزيز، ليس البيان بمسعف في وصف ما لاقيت، ولكن اعتزازي أني كنت أشعر بأن جيش مصر العربي هو جيشكم، وجيشكم هو جيش مصر، وحضارة مصر هي حضارتكم، وحضارتكم هي حضارة مصر، والجيشان والحضارتان جند للعرب».