المحكمة العليا تستعد لإجازة الفساد!

TT

ثمة مفارقة ساخرة في بقاء المحكمة العليا مفتوحة، فيما جرى إغلاق معظم أجهزة الحكومة الفيدرالية، حيث كانت المحكمة العليا هي المتسببة في قدر عظيم من الاختلال الوظيفي الذي يقوض واشنطن اليوم.

لقد فشلت المحكمة في إلغاء إعادة تقسيم المناطق الانتخابية للحزبين، التي تركت مجلس النواب في حالة استقطاب ميئوس منها. وقد زادت سخرية الأميركيين من السياسات، ذات القرارات السياسية الصريحة، مثل بوش ضد غور. وفي المقام الأول، ولدت نظام تمويل حملة مسؤول بشكل مباشر عن صعود قادة متصلبين من جانبي البرلمان.

ظهر المال السياسي مجددا أمام المحكمة العليا صباح الثلاثاء، وبالحكم من أسئلتهم، ينحو القضاة المحافظون لجعل الأمور أكثر سوءا. الآن، هم مستعدون لتوسيع نطاق قرارهم الذي اتخذوه في عام 2010 والذي أحدث انفجارا في النفقات المستقلة من خلال السماح للأثرياء بمنح مبلغ 3.5 مليون دولار للمرشحين والأحزاب في كل جولة انتخابية. منطقهم هو: لقد سمحوا بالفعل للنظام بأن يصبح مغمورا بالأموال، إلى حد أن المزيد لن يضر.

يشير أنتونين سكاليا قائلا: «الأمر لا يعني أننا نمنع الناس من إنفاق مبالغ ضخمة على السياسة. حينما تحسب إجمالي المبلغ، لا أعتقد أن مبلغ 3.5 مليون دولار مبلغ ضخم».

في واقع الأمر، 3.5 مليون دولار مبلغ كبير. مثلما حاول أن يوضح النائب العام، دونالد فيريلي، فإن هذا يعني أن حزبا يمكنه أن يحصل على كل شيء يحتاجه لتنظيم كل سباقات الكونغرس الانتخابية حول أنحاء الدولة من 450 شخصا فقط. يقول فيريلي: «أقل من 500 شخص يمكنه تمويل مباراة الرماية بأكملها». ويضيف فيريلي: «ثمة خطر حقيقي ممثل في أن الحكومة سوف تدار، من قبل ولأجل هؤلاء الأشخاص الخمسمائة، وأن العامة سوف يدركون أن الحكومة تدار من قبل ولأجل هؤلاء الخمسمائة».

لم يتأثر سكاليا. قال: «من المدهش الاعتقاد بأن شعور الامتنان» الذي يكنه المشرعون تجاه كبار المانحين «أعظم من شعور الامتنان الذي سيكنه عضو مجلس الشيوخ أو عضو الكونغرس هذا تجاه لجنة عمل سياسي، تنفق مبالغ ضخمة في منطقته أو ولايته لانتخابه».

بدا الأمر كما لو أن سكاليا، بعد أن ترك باب الإسطبل مفتوحا، أدرك أن حصانا قد هرب – وقرر أن الحل الأمثل هو إطلاق سراح بقية الحيوانات.

وأشار فيريلي، بشكل مهذب، إلى احتمال أن تكون المحكمة مخطئة في تجاهل «مخاطر الفساد القادم من النفقات المستقلة» أيضا.

وقال سكاليا بسعادة: «الأمر كما هو عليه».

بالفعل هو كذلك. إن قرار 1976 في باكلي ضد فاليو طرح الحكومة للبيع وولد سباق التسليح في تمويل حملة بمساواة الإنفاق غير المحدد بخطاب حر. إن محكمة جون روبرتس في عام 2010 جعلت النظام أسوأ بشكل هائل في قرار «المواطنين الموحدين»، بتخفيف القيود وحث المانحين الأثرياء على دفع مئات الملايين من الدولارات في صورة نفقات مستقلة. والآن، تقترح الحكومة بيع ما يتبقى من الحكومة إلى نحو 500 شخص – الإخوة كوخ وشاكلتهم، الذين ملأوا قاعات الكونغرس بالفعل بممثلي حزب الشاي، والمليارديرات الليبراليين، الذين سيسعون بلا شك إلى القيام بعمليات شراء مماثلة.

ربما لا يكون سكاليا على وعي بهذا، لأنه لا يقرأ صحيفة «واشنطن بوست» أو «نيويورك تايمز»، اللتين يقول إنهما «ليبراليتان جدا» و«بذيئتان جدا». وفي مقابلة أجراها مع مجلة «نيويورك» نشرت هذا الأسبوع، أشار إلى أنه يقرأ صحيفتي «وول ستريت جورنال» و«واشنطن تايمز» ويستمع إلى ضيوف محافظين في البرامج الحوارية الإذاعية مثل بيل بينيت.

إذا خرج سكاليا من غرفة الصدى الآيديولوجية خاصته، لاكتشف أن المحافظين الأثرياء، بتشجيع من المحكمة، يقدمون تبرعاتهم لمجموعات مثل «نادي النمو» و«هيريتدج أكشن»، اللتين تهددان بتمويل تحديات رئيسة للمشرعين الجمهوريين، الذين يظهرون أي بذاءة فكرية. ونظرا لأن السواد الأعظم من الجمهوريين يشغلون مقاعد آمنة (جزئيا بسبب الغش المصدق عليه من المحكمة العليا)، فإنه يتمثل التهديد الوحيد لعملية إعادة انتخابهم في انتخابات أولية – وليس لديهم أي خيار سوى تحقيق رغبات المليارديرات المحافظين. المشكلة على جانب اليسار ليست قاسية، إنها مسألة وقت فقط قبل أن يقوم المليارديرات الليبراليون بعملية تطهير مماثلة.

الفقراء الأعزاء..

ذكرت القاضية إلينا كاغان أن هؤلاء الذين يمنحون مبلغا قيمته 3.5 مليون دولار يجب أن يتوقعوا «معاملة خاصة» من الكونغرس – ولم يوافق بيرتشفيلد. وبموجب قرار «المواطنين الموحدين»، قال: «لا يعد الامتنان والتأثير فسادا بديلا».

إنه محق. فقد اشترى عدد محدود من المليارديرات كونغرس مليئا بالمتطرفين العنيدين، وجعلت المحكمة العليا الأمر برمته مشروعا.

* خدمة «واشنطن بوست»