دجاجة في البرلمان

TT

يلذ للكثير من الأزواج أن يسموا كلام زوجاتهم نقّا.. أي التكرار و«الزن» على الرأس واللجاجة التي هي أقرب إلى النكد. وكان لزميلتي سلوى النعيمي عمود أسبوعي بعنوان «أقول لكم». وقد كتبت يوما تقول إن أحدهم اقترح عليها تغيير العنوان إلى «أنق لكم».

بعض الرجال معذور لأنه لا ينتبه، غالبا، إلى لجاجته. لكن فيرونيك ماسونو، النائبة في البرلمان الفرنسي، رفضت اعتذار زميلها النائب فيليب لوريه، وصرحت لإذاعة محلية بأنها لن تغفر له أنه سخر منها ورفع صوته مقلدا صوت الدجاجة عندما كانت تلقي كلمتها في جلسة الثلاثاء الماضي. لقد أثارت الحادثة استهجان نواب اليسار فتأخروا، عمدا، عن الجلسة التالية، ولم يستريحوا حتى صدر إنذار في حق النائب المعتدي مع خصم ربع راتبه عن الشهر الحالي.

وهنا أرجو ألا يقال إن «النائب» وظيفة يشترك فيها الرجل والمرأة وهي لا تؤنث، فالفرق بين نوائب الدهر ونائبات السياسة واضح وأكيد، رغم أن هناك من يرى أنها مسألة فيها نظر. كما أتمنى ألا يعترض أحد بأن الضفدعة هي التي تنق، لا الدجاجة.. فالدجاجة «تنقنق»، حسب «لسان العرب»، وقد جاء فيه أنها تنقنق حين تبيض وليس لأنها ترجّع صوتها، أي تردده.

استحق النائب قليل اللياقة العقوبة لأنه أقلق جلسة البرلمان بنقنقته. كما استحقت النائبة الخضراء الدهشة لأنها غضبت إلى أقصى حد وصرخت: «لست دجاجة». وهي خضراء لأنها تمثل حزب الخضر وليس لأنها تتمترس مثل نواب ذلك البلد في المنطقة الخضراء. إن حزبها يدافع عن الطبيعة، بكل ما فيها من فضاء وغابات وكائنات برية ودجاج يتعرض لسوء المعاملة من الرأسمالي الأميركي كنتاكي بينما لا تملك الطيور المسكينة أن تحتج أو تنقنق. لقد اتصل بها زميلها النائب في اليوم التالي وقدم اعتذاره، فغنت له: «فات الميعاد».

وكما يقال إن وراء الأكمة ما وراءها، فإن تحت قبة البرلمان الفرنسي ما تحتها. فقد حدث أن قابل بعض النواب الوزيرة سيسيل دوفلو بالصفير لأنها تجرأت وارتدت فستانا صيفيا مشجرا، لا بدلة قاتمة مؤلفة من سترة وسروال. وكانت وزيرة الرياضة السابقة شانتال جوانو قد اشتكت من نظرات بعض النواب وتعليقاتهم، وقالت إنها لا تستطيع أن تذهب إلى البرلمان بالتنورة القصيرة. لذلك تضامنت النائبات، ذات يوم، وذهبن إلى جلسة برلمانية مرتديات تنورات لا تموه أنوثتهن. وزاغت أعين النواب في كل اتجاه.

حتى الناطقة باسم الحكومة ووزيرة حقوق المرأة، نجاة بلقاسم، لم تنجُ من سفاهة نائب يميني أطلق تغريدة على موقع «تويتر» أثارت استنكار النسويات. فقد عبر المغرد، أو المنقنق، عن اضطرابه لأن الوزيرة الشابة كانت تضع قلمها في فمها أثناء حضورها جلسة برلمانية.

لكل هذا طرح الموقع الإلكتروني لصحيفة «الباريزيان» السؤال على قرائه: هل تجب معاقبة النواب الذين تبدر عنهم تجاوزات تحت القبة؟ وجاء 80 في المائة من الردود مع العقوبة. أما النائب الذي سخر من زميلته بتقليد الدجاجة فقد أدرك أن خفة دمه المفترضة قد تحرمه من أصوات الناخبات، لذلك سارع إلى التصريح بأنه يحب النساء كثيرا والدليل أنه يستخدم مساعدات عديدات. لقد أراد أن يكحلها فعماها.