المسرح الوطني السعودي

TT

أتكلم عن البلدان الطبيعية والمستقرة، وكما أن لكل بلد حكومة أو ملكا، فلا بد لكل بلد من مسرح وطني. وأنا أعتقد أن الوقت مناسب الآن ليكون لدى المملكة العربية السعودية مسرحها الوطني. ومن على سريري في فيصل بالرياض، أتساءل: يا إلهي.. كيف يكون لدى بلد هذا المستشفى ولا يكون لديه مسرح وطني؟

هكذا أنا دائما، الدقة تذكرني بالمسرح، إخلاص الناس في العمل يذكرني بالمسرح، الألم ثم الشفاء منه يذكرني بالمسرح. هذا هو بالضبط ما يفعله المسرح بالناس، يشفيهم من أمراض لا تراها العين، فيزدادون قوة وصحة، بل وإنسانية، ويوفر لهم قدرا من البهجة يعجز أي مصدر آخر عن توفيرها.

وفى الطريق لإنشاء هذا المسرح، أنا واثق أن المسؤولين سيفاجأون بعدد الشبان والشابات الذين درسوا في الغرب كل فروع الفنون الدرامية. وأن العناصر الممتازة بينهم كفيلة بإقامة أكثر من مسرح، فقط تنقصم القيادة وخطط العمل.

المسرح يساهم في صنع وحدة الناس بأكثر مما يستطيع أي نشاط بشري آخر. أريدك أن تتخيل قاعة المسرح وقد امتلأت بالناس مختلفي الطباع، وأريدك أن تتخيلهم وهم يضحكون معا، ويشعرون معا بالشفقة وبالضيق، هذا هو ما يصنع الوحدة بين البشر. كما أتخيل أن هذا المسرح لا بد أن يكون قوي الصلة بإنجلترا، بمعنى أدق، بأقوى مصادر المعرفة الدرامية في العصر الحديث.. يحدث ذلك من خلال قنوات طبيعية وشرعية تماما بعيدة إلى أقصى حد ممكن عن البيروقراطية. إنشاء المسرح الوطني السعودي هو مسؤولية جمعية الثقافة والفنون، هذا هو عملها، وأرجو أن يتنبه المسرحيون جميعا، إلى أن هناك مراحل في التاريخ، يتطلب العمل فيها أقل قدر من الكلمات.

إنني أتصور أن تبدأ الجمعية في مراسلة المجلس البريطاني، وأن تشرح له أن المملكة في طريقها لإنشاء مسرحها الوطني، وأنها ستكون في حاجة لعناصر مسرحية تقوم بالإخراج والتدريب، وأنها تفضل أن يكونوا من فرقة مسرح شكسبير، فنحن في حاجة إلى إرساء تقاليد مسرحية من أساتذة العالم في المسرح.

كما أتصور أن يكون العرض الأول لكوميديا عربية باللغة الإنجليزية، وأن تكون عروضها الأولى حيث يوجد زبونها في أماكن الشركات الأجنبية الضخمة. كل عناصر العرض لا بد أن تكون من الممثلين السعوديين. أما حكاية العنصر النسائي فلن تمثل مشكلة؛ فالموهوبات المقيمات في المملكة كثيرات. وفي الوقت الذي يُقدم فيه العرض باللغة الإنجليزية يكون العمل قد بدأ في إعداد نفس العرض باللغة العربية.

هذه خطوط عريضة لا تلزم أحدا بخطة عمل، فالفرقة المسرحية سيكون لها مدير داخل الجمعية كما سيكون للفرقة مكتب فني يساعد المدير في عمله. كما أن طبيعة العمل المسرحي تتطلب المرونة الكافية لحضور المهرجانات وإقامة العروض في عواصم العالم.

تعالوا نحول هذا الحلم إلى خبر، خبر تقرأه في صحافة العالم بكل لغات الدنيا «المملكة العربية السعودية تطلب مساعدة فرقة شكسبير لإنشاء مسرح وطني سعودي».

هل لديك هذه الأيام خبر أفضل منه؟.. قله لي من فضلك.