لماذا لا ينتج العربي؟!

TT

كلما ظهرت دراسة جديدة زادتنا يقينا بأن المواطن العربي لا ينتج بالشكل المأمول. وأحدث هذه الدراسات التي أعلنها الاتحاد العربي للتنمية الإدارية والتي أظهرت أن معدل إنتاجية الموظف العربي 18 دقيقة في اليوم، حسب تقرير بثته قناة «الجزيرة». وتبين أن السوداني ينتج بمعدل 20 دقيقة، والجزائري 22 دقيقة، وينتج المصري 30 دقيقة في اليوم. بينما يبلغ معدل العمل الفعلي للموظف في اليابان وفرنسا وألمانيا أكثر من 7 ساعات يوميا!

والمقصود بالإنتاجية هنا، مقدار المساهمة الفعلية في العمل وليست الأوقات المهدرة، التي أشار التقرير إلى أنها أحد أسباب إهدار العربي وقته في العمل مثل التأخر في الوصول إلى مقر العمل، وتصفح الإنترنت، والدردشة، والخروج لتناول الطعام والقهوة، والتدخين المتكرر.

ودخلت منظمة «غالوب» العالمية على الخط أيضا بدراسة شملت 142 دولة، ونشرت قبل أيام، تبين من خلالها أن 35 من العاملين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير منتجين وأن 55 منهم يفتقدون الحافز، وهو ما اعتبر «أعلى نسبة في العالم»، وفق ما نشرته صحيفة «القبس».

الإنتاجية ليست كلاما إنشائيا منمقا نصفه، بل ضرورة ماسة لكل اقتصاد وشركة ومؤسسة، فهناك علاقة مباشرة بين الشعوب المنتجة والازدهار الاقتصادي والنمو وتحقيق الشركات الربحية وغيرها. ولذا، لا بد من أن تدرك حكوماتنا ومؤسساتنا الخاصة بأن الإنتاجية هي المسطرة التي نقيس بها القيمة المضافة للفرد في عمله وهي أول خطوة لإصلاح البيئة المتراخية. الإنسان العربي لم يخلق كسولا، بل البيئة المحيطة به هي ما قتلت فيه الحماسة والنشاط، لأنه لا يرى حافزا يدفعه للإنتاجية، فهو يلاحظ أن المتراخين والمتزلفين والمتملقين وأصحاب الحظوة هم من يصعدون السلم الوظيفي بسرعة البرق! ولذا، لا بد من إعادة النظر في آلية التقييم، للوصول إلى الحد الأدني من تقويم الأداء العادل، وفق إحدى الطرق العلمية الحديثة.

ولا بد من أن يدرك الموظف أن إنتاجيته هي استثمار في شخصيته ومستقبله، وأن كل الضغوط التي يتحملها تقويه وتصقله للمرحلة التالية. وهذه هي مسيرة الحياة، لأن الله عز وجل قال: «لقد خلقنا الإنسان في كبد»؛ أي تعب ومشقة. ولكنه لا بد من أن يفرق بين «الجهد المبذول» و«المخرجات أو النتائج». فهناك من يظن أن آخر فرد يغادر بوابة العمل هو الأكثر إنتاجية، لكنه في حقيقة الأمر قد يكون عمله مجرد «جعجعة بلا طحين»!

[email protected]