الديمقراطية ما بعد إغلاق الحكومة

TT

إنه السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا الآن: ماذا بعد؟

حتى وإن جرى علاج الأزمات المباشرة - الإغلاق الجزئي وأزمة العجز عن سداد الديون - فسنكون لا نزال نعيش في لحظة سياسية خطيرة. الخطر المعني مرتبط بالظهور الأخير لفلسفة سياسية تهدد بزعزعة التزامنا المشترك تجاه مؤسسة ديمقراطية مشتركة.

ترى ما «الفلسفة السياسية» التي أعنيها؟ وصف الكاتب المحافظ جون تامني في موقع Forbes.com هذه الفلسفة كالتالي: «ما فائدة الحزب الجمهوري إذا لم يكن يغلق الحكومة الفيدرالية بانتظام»؟ لا فائدة على الإطلاق، يبدو أن تامني يعتقد أن «الإغلاق ينبغي أن يكون جزءا من ترسانة الأسلحة الجاهزة للحزب الجمهوري لتقليص حجم ونطاق حكومتنا الفيدرالية المختنقة اقتصاديا.

من المغري أن نصف هذا باسم «الحديث الجنوني» والتهديد غير الجاد. لكنه خطير بحق، ويظهر أن البعض يفكرون بشأن ما سيحدث لاحقا. إنها خطة تمثل الحد المنطقي للآراء التي يجري تبنيها الآن على الجانب المتطرف، ليس فقط في الأركان المظلمة من الإنترنت، لكن في المحافل السائدة. في المقام الأول، لو كانت الحكومة هي المشكلة، فسيكون إغلاقها بمثابة حل منطقي. من ثم، بدلا من تجاهل الفكرة، علينا مواجهتها. ويمكن أن نبدأ ذلك بطرح سؤال بسيط وهو: ما تبعات هذه الاستراتيجية؟ إنها تحثنا على الانسحاب بشكل واضح من عقد مشترك للحكم.

أعتقد أن هناك تبعتين واضحتين؛ الأولى تتعلق بالعقد الاجتماعي نفسه. كان توماس هوبس هو أشهر من أشاروا إلى أن التزاماتنا السياسية تجاه بعضنا البعض تستند إلى اتفاق ضمني.. عقد ينشأ من فكرة أننا إذا تصرفنا ككيان واحد ونحينا بعض مصالحنا الشخصية جانبا لصالح ذلك الكيان، فسنكون في حال أفضل.

أما الفيلسوفة المعاصرة مارغريت غيلبرت فقد أشارت إلى أن هذا يعد امتدادا لفكرة أساسية بدرجة أكبر، وهي أن المجموعات الاجتماعية - بما فيها المجتمعات السياسية - توجد كنتيجة لما وصفته بـ«الالتزامات المشتركة» من جانب هؤلاء الذين يشكلونها. إن التزاما مشتركا يعد نتاجا لتعبير شخصين أو أكثر عن استعداد لفعل شيء معا كوحدة واحدة - كرقص أو تمثيل مسرحية أو إطلاق مشروع. وتؤكد غيلبرت أنه لا يتعين عليك دائما الدخول في التزام مشترك بشكل متعمد - في صورة قولك عاليا: «لنفعل هذا معا». فنحن عادة ما نعبر عن التزامنا بالعمل معا ضمنيا: مثلما أفعل لو مددت يدي إليك وأومأت إليك بالتوجه لحلبة الرقص مثلا. وبصرف النظر عن الطريقة التي يعبر من خلالها الأفراد عن استعدادهم للالتزام المشترك، فإنه ينبغي أن يكون في صورة معرفة مشتركة للجميع.. ينبغي أن يكون شيئا يؤخذ على نحو مسلَّم به بحيث يعلم الجميع، أو الغالبية، أن الآخرين على وعي به. ومن دون تلك المعرفة المشتركة، لن نعد أنفسنا في وضع التزام مشترك، أي أنني بمجرد أن أشعر أنه ليس هناك التزام من الجميع، فربما أتوقف عن الشعور بالالتزام.

* خدمة «نيويورك تايمز»