قرار يستحق دعما دوليا

TT

قرار المملكة العربية السعودية، رفض عضوية مجلس الأمن قرار يعطي درسا لكل الدول وكل الشعوب. أنظر إليه كصفحة مجيدة من صفحات الجهاد المدني في السعي لتصحيح الأوضاع بطرق سلمية واعية.

الأمم المتحدة منظمة رائعة تسعى لنشر السلام والخير لكل بني الإنسان، ولكن هيمنة القوى الكبرى عليها أساءت إلى رسالتها. أشار القرار السعودي إلى إخفاقها في معالجة قضية الشعب الفلسطيني. فكيف ظهرت هذه المشكلة أولا بأول؟ كانت أول امتحان للأمم المتحدة وكانت غالبية الدول الأعضاء، بما فيهم الولايات المتحدة، تقف ضد تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية فيها. غير أن اللوبي الصهيوني دبر لقاء بين وايزمان والرئيس الأميركي ترومان. استطاع وايزمان بلسانه اللبق أن يقلب موقف الرئيس الأميركي فأصدر أوامره لمندوبه في أن يقلب موقفه ويؤيد التقسيم بل ويوعز لسائر دول أميركا اللاتينية بأن تحتذي ذلك. وهكذا سخرت أميركا هذه المنظمة في خلق هذه المشكلة، أم كل المشكلات في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، بما فيها الإرهاب العالمي.

أصبح مجلس الأمن فيما يبدو تابعا لهذه الدول الكبرى بما تتمتع به من حق الرفض (الفيتو)، للتصرف بكل الشؤون التي تهم الشعوب المستضعفة، بما فيها الآن قضية الشعب السوري. عيوب هذه المنظمة معروفة لدى سائر الباحثين والمهتمين بمصيرها. القرار السعودي نداء بليغ لهم جميعا للتحرك لإصلاح هذه المنظمة.

تعالت أصوات كثيرة بشأن حق الرفض. فكل ما يوافق عليه معظم الأعضاء ويتبنونه في موضوع فلسطين مثلا تعطله الولايات المتحدة باستعمالها لحق الفيتو، وبعملها هذا فتحت الأبواب لإسرائيل للقيام بكل الخروقات للقانون الدولي والالتزامات العالمية الشرعية. باستعمالها لحق الفيتو، ساهمت واشنطن في تشجيع الجميع على تجاهل الأعراف الدولية.

وبجانب أميركا، قام الكرملين بممارسات مشابهة. باستعمال حق الفيتو، عطلوا أي قرار لحسم معاناة الشعب السوري، بل وشجعوا الأسد على استعمال الأسلحة الكيماوية ضد شعبه.

هناك أصوات تطالب بإلغاء حق الفيتو كليا. قد يمكن اللجوء لحل وسط باشتراط أن يصدر الفيتو من عضوين بدلا من الاكتفاء بعضو واحد. فهذا التفرد من روسيا فقط أو أميركا فقط هو الذي يعطل فاعلية مجلس الأمن.

وهناك طبعا من يدعو لخلق جيش كامل للأمم المتحدة يتولى التدخل عسكريا بقرار المنظمة لحسم أي موضوع مأساوي.

يستحق القرار السعودي دعما عالميا من كل قوى السلام والخير لتوعية الدول الكبرى بأن العالم لن يستسلم لتلاعبهم بمصائر البشرية.