جهنم أونلاين!

TT

قبل أيام شاهدت وأنا أقلب في شبكة «شوتايم» فيلما وضع عليه تحذير بأنه غير صالح لمن هو تحت سن الـ15 لما يحويه من عنف.

الفيلم فكرته مكررة عن أسماك القرش التي تفترس السباحين من السياح.

تطور الأحداث هو المختلف، حيث إن هذه الأسماك الخطيرة دخلت منطقة مخصصة لمرتادي البحر، ليست مكانا طبيعيا لها، وعلى مدخل الشرم المائي بوابة تحت الماء، فكيف تسللت هذه الأسماك المفترسة؟!

يتبين في النهاية، بعد حوادث مميتة، أن هناك عصابة من مخابيل وحارس الشاطئ «الحكومي» تربي هذه الأسماك وتفتح البوابة لها عمدا، ثم تصور لحظات الافتراس للبشر. وهنا تأتي اللحظة المهمة، ففي حوار بين الحارس الحكومي وبين أحد الضحايا وهو يحاول الخلاص من قيود أسره قبل أن يلقيه الحارس المتآمر في حوض محبوس تسبح فيها الأسماك القاتلة ومعه آلة التصوير، يسأله الضحية: لماذا تفعل هذه الجريمة، أين الأخلاق؟! ليجيبه الحارس: أخلاق! أي أخلاق؟ الأمور نسبية يا صاحبي، لست حاقدا عليك شخصيا، المسألة «بيزنس». ثم يشير للكاميرا: هل تعلم كم نسبة المشاهدة على الإنترنت لمثل هذه المقاطع الدموية «الحقيقية»؟! عشرات الملايين. الناس تريد هذه الأمور، ونحن نتاجر بهذه الرغبة.

تنظير الحارس المخبول، مخيف، ومن يلاحظ هذا الانفلات الرهيب من كل قيد وشرط في محتويات الإنترنت ينقبض قلبه ويتساءل: إلى أين، وماذا بعد؟!

تبلدت المشاعر، واخشوشنت الضمائر، وهان الدم والقتل والأشلاء حتى على الطفل الصغير، والكل يطلب، كنار جهنم: هل من مزيد؟!

قبل أيام نشر خبر خلاصته أن إدارة موقع «فيس بوك» تتجه لقرار يقضي برفع الحظر عن نشر مقاطع الفيديو العنيفة بما فيها التي تحوي مشاهد قطع الرؤوس بعد جدل صاخب بين مؤيد ومعارض.

إدارة الموقع كانت قد اتخذت قرارا بحظر المقاطع الوحشية إثر حملة إعلامية، لتعود وتتراجع بعد رغبة «زبائن» الـ«فيس بوك» بحجة الحرية!

هناك سبب آخر للتراجع وهو أن إدارة «فيس بوك» عدلت عن القرار لامتناع شركة «غوغل» المالكة لموقع «يوتيوب» عن اتخاذ قرار مماثل.

يعني سباقا تجاريا مميتا.

في عالمنا العربي، كل يوم تولد مقاطع جديدة، كل يوم منافسة لتسجيل فيديو مثير، وكل يوم ترتفع معايير الإثارة.

هل من صيحة نذير، أم لا مناص من الغرق في هذا الـ«تسونامي»؟!