ما الذي عرفه الرئيس أوباما؟ ومتى عرفه؟

TT

بالنسبة لرجل ذكي، يزعم الرئيس أوباما أنه لا يعرف سوى أقل القليل عن عدد هائل من الأشياء التي تجري في إدارته.

في عشية الأحد، نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه لم يكن يعرف قبل هذا الصيف أن وكالة الأمن القومي كانت تتنصت على هواتف المستشارة الأميركية أنجيلا ميركل وغيرها من قادة العالم لما يقرب من خمسة أعوام.

وأعقب ذلك ادعاء من قبل وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية، كاثلين سيبيليوس، بأن أوباما لم يكن على علم بالمشكلات مع الموقع الإلكتروني HealthCare.gov، قبل أن تعلم بها بقية بقاع العالم بعد نشرها يوم 1 أكتوبر (تشرين الأول).

إن من السذاجة الظن بأن الولايات المتحدة كانت تتجسس على قادة العالم من دون علم الرئيس، أو أنه لم يكن على دراية بالمشكلات التقنية الضخمة التي هددت بتقويض أبرز إنجازاته التشريعية. ولكن بصدد القضايا التي تضم استهداف مصلحة الضرائب الفيدرالية واستغلال وزارة العدل استدعاءات المثول أمام المحكمة ضد المراسلين، قدم مسؤولو البيت الأبيض بشكل متكرر تنويعا بشأن هذا الموضوع.

السؤال: ما الذي عرفه أوباما؟ ومتى عرفه؟

الإجابة: ليس الكثير، قبل نحو دقيقة واحدة.

استهل جوش ليدرمان من «أسوشييتد برس» جلسة توجيهات البيت الأبيض يوم الاثنين بسؤال واضح: «هل جرى إبعاد الرئيس عما كانت تقوم بوكالة الأمن القومي؟».

«لن أتطرق إلى تفاصيل المناقشات الداخلية»، أجاب جاي كارني، المتحدث الصحافي، مكررا الوعود السابقة التي مفادها «إننا لا ولن نراقب اتصالات المستشارة».

تجاهلت هذه الصيغة بشكل واضح عبارة «لم».

استشهد جيم أكوستا من «سي إن إن» بإطلاق موقع HealthCare.gov واستهداف مصلحة الضرائب، وهما الأمران اللذان أشار أوباما إلى أنه علم بهما من التقارير الإخبارية. تساءل أكوستا: «هل ثمة قلق من أن يكون الرئيس قد أبقي في حالة عدم علم بشأن بعض هذه النقاط؟».

أخبر كارني أكوستا بأنه قد «مزج مجموعة من القضايا الشديدة التنوع».

وتحدث أكوستا قائلا: «النقاد الجمهوريون يشيرون إلى أن الرئيس يبدو أنه غير ملم ببعض الأخبار المهمة التي يجري تناقلها حول هذه الإدارة».

أجاب كارني ببلادة شديدة: «حسنا، النقاد الجمهوريون يقولون الكثير من الأشياء».

هذا صحيح. لكن في هذا المثال، لم يذكر الجمهوريون الحقيقة كاملة عن عدد القضايا التي زعم الرئيس أنه لم يكن على علم مطلقا بها. أشار تقرير مجمع للوكالة الوطنية الجمهورية يحمل عنوان «الرئيس المتفرج» إلى تجسس وكالة الأمن القومي على ميركل وطرح برنامج «أوباما كير» والتحقيق في استهداف مصلحة الضرائب الجماعات السياسية (علمت مستشارة البيت الأبيض بالتحقيق، لكنها ذكرت أن مصلحة الضرائب لم تخطر أوباما). علاوة على ذلك، فقد استشهدت اللجنة الوطنية الجمهورية بفشل شركة الطاقة النظيفة «سوليندرا»، التي قد تلقت تمويلا حكوميا (أشار كارني إلى أن أوباما قرأ عنها في «تقارير إخبارية»)، ومحاولات تتبع الاتصالات الهاتفية وسجلات البريد الإلكتروني (التي علم بها الرئيس أيضا من قراءة الأخبار، بحسب كارني).

لم تشر اللجنة الوطنية الجمهورية إلى أن أوباما على ما يزعم لم يكن على علم بأي شيء فيما يتعلق بتحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي في علاقة تورط فيها ديفيد بترايوس التي أدت به إلى الاستقالة من منصبه مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

علاوة على ذلك، فإنها لم تستشهد بزعمين آخرين عادة ما يشكك فيهما المحافظون: جهل أوباما بعملية سرية خداعية على الحدود عرفت باسم Fast and Furious انحرفت عن مسارها، وعدم علمه بمطالب الأمن الدبلوماسي الإضافي في ليبيا قبل شن هجوم على مقر القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا.

ليس ثمة سبب يجعل من الضروري أن يكون أوباما قد علم بالعملية أو بمتطلبات الأمن الدبلوماسي. لكن، كيف لم يعلم بأن جواسيسه كانوا يتجسسون على المستشارة الألمانية؟

سأل جون كارل من «إيه بي سي نيوز» كارني: «هل يمكن تصديق أن الرئيس لم يكن يعلم بمراقبة رئيسة دولة تعتبر من أقوى حلفاء أميركا؟ هل يبدو ذلك معقولا بالنسبة لك؟».

استدعى هذا تلميحا من كارني بأن أوباما علم، في واقع الأمر، بأن وكالة الأمن القومي، كانت تتجسس على ميركل. وقال، مشيرا إلى تقرير أفاد بأن أوباما كان على علم بالنشاط الذي جرى في الصيف: «ربما لا تصدق صحيفة (وول ستريت جورنال) اقتراح أن يكون الخبر غير صحيح. لكنني سأقول ببساطة إننا لن نعلق على أنشطة معينة تناولتها الصحافة».

أتى تلميح آخر من تأكيد كارني على أن «الرئيس لديه ثقة كاملة في الجنرال كيث ألكسندر والقيادة بوكالة الأمن القومي». ربما لم يكن أوباما ليملك هذا القدر من الثقة، إذا ما أخفت عنه قضية مهمة كالتنصت على هواتف قادة العالم.

على أحد المستويات، سيكون من المطمئن - والموثوق به بدرجة أكبر - أن يعترف البيت الأبيض بأن أوباما كان مطلعا على مستجدات الأمور بقدر يفوق ما كشف عنه. على مستوى آخر، سيكون أمرا مربكا: هل الأفضل أن لا يكون قد علم بعثرات إدارته، أم أن يكون قد علم بها ولم يقض عليها؟

* خدمة «واشنطن بوست»