لا صفقات بشأن تجميد العقوبات

TT

نشرت جريدة «هآرتس» الإسرائيلية ذات التوجه اليساري خبرا قالت فيه إن الجماعات اليهودية التي حضرت الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض وافقت على وقف الضغوط الذي تمارسها لتوقيع عقوبات جديدة ضد إيران، وهي الخطوة التي ربما تؤدي إلى نتائج عكسية غير التي ينشدها المعسكر الذي يؤيد علاقات ودية مع إيران. لكن ديفيد هاريس، رئيس الجالية اليهودية الأميركية، نفى ذلك الخبر جملة وتفصيلا.

وأبلغ ممثل إحدى هذه الجماعات اليهودية، الذي حضر الاجتماع، اليمين المحافظ «لم نقدم التزاما من هذا النوع. أستطيع أن أؤكد لكم ذلك». المثير للدهشة أن مسؤولا في منظمة يهودية أخرى، لم يحضر ذلك الاجتماع الذي عقد مساء، أخبرني بأنه «لم يحدث تراجع في الموقف من العقوبات المفروضة على إيران، بل إننا انتقدنا الإدارة الأميركية بشدة خلف الكواليس».

يعني ذلك رغبة الإدارة الأميركية، أو أشخاص آخرين يدفعون باتجاه التهدئة مع إيران، في تشكيل اتجاه مؤيد لتأجيل جولة أخرى من العقوبات. لكن هناك بعض العقبات التي لا يمكن التغلب عليها. فنواب مجلس الشيوخ الديمقراطيون، المعروفون في أوساط الجالية المؤيدة لإسرائيل، مهتمون بتشديد العقوبات ضد إيران. علاوة على ذلك فإنه حتى وإن - ولا توجد إشارة على أن ذلك سيحدث - توانت اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ في فرض عقوبات جديدة ضد إيران، فمن المتوقع أن تقوم لجنة العلاقات الخارجية، التي يرأسها السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي روبرت ميندز المؤيد للعقوبات، بذلك. وقد أخبرني نائب كبير، وهو أحد مساعدي الرئيس، على علم بما جرى في الاجتماع، بأنه «بعد مجهود حثيث لتقديم وجهة نظر محايدة، أدركت تلك الجماعات اليهودية أن الرئيس مستعد لقبول إيران نووية، وأنه سيسعى جاهدا لعقد صفقة سيئة مع إيران»، ومن ثم فإن الخبر الذي أوردته «هآرتس» ما هو إلا محاولة ساخرة من جانب البيت الأبيض لإلهاء الجالية اليهودية عن جهودها النشطة في ممارسة الضغط، وهي المحاولة التي فشلت ولن تزيد الجالية اليهودية إلا إصرارا على مواصلة عملها الحثيث لمنع أوباما من التفريط في الحضارة الغربية.

وبعيدا عن محاولات الالتفاف العلنية، هناك شيء واحد غير قابل للجدال، وهو أن الإدارة الأميركية تضغط على الجماعات اليهودية بشدة لإثنائها عن السعي وراء إقرار مشاريع قوانين عقوبات جديدة، لأنه ما من شك في أن الإدارة تخشى أن تزعج تلك العقوبات إيران، وهو ما يؤدي بإيران إلى رفض المفاوضات التي يتوقع أن تنقذ الإدارة من مأزق صنعته بيدها، فإما أن توافق على إيران نووية، أو أن توجه ضربة عسكرية ضد طهران. وهذا هو السبب الحقيقي، وليس ضعف الكونغرس، الذي يقلق الجالية المؤيدة لإسرائيل وجميع الأميركيين، الذين استمعوا إلى الرئيس مرارا وهو يقول إنه سوف يستخدم العقوبات لإجبار إيران على التخلي عن برنامج التسليح.

الآن فهمنا أن الرئيس لا يعني دائما ما يقول، لكن في هذا الحالة، وبعيدا عن جماعات الضغط، فإن النواب الجمهوريين والديمقراطيين والمسؤولين الإسرائيليين سوف يصرون على أن تُبقي أميركا على العقوبات. وفي حقيقة الأمر، يبدو من المحتمل أن عقوبات جديدة ستفرض قريبا.

* خدمة «واشنطن بوست»