شكرا.. ونعود إلى ما كنا فيه

TT

بعد أن عدت إلى بلدي، وبعد الشكر لله سبحانه وتعالى، وبعد الشكر لزوجتي التي أعطتني في شهور العلاج والألم كل الحب والاهتمام والنكد.. ليسمح لي القارئ بأن أشكر، وبأقوى الكلمات، الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، وكل مساعديه الأفاضل، لكل ما بذلوه من جهد ورعاية في علاجي بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالعاصمة السعودية. الواقع أن من ساعدوني كثيرون، وأنا أشكرهم وأتمنى لهم الصحة والسلامة وطول العمر، ولنعد الآن لما كنا فيه من ضجيج ديمقراطي.

عدت إلى القاهرة قبل محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي بيوم واحد، وأنا أكتب لك الآن في يوم محاكمته. أنا عاجز عن متابعة ما يحدث في التلفزيون لأن الكهرباء مقطوعة، ولذلك سأحدثك عن أمر آخر وثيق الصلة بهذه المحاكمة. سأحدثك عن السبق الصحافي متسائلا عن معناه، بعد أن اكتشفت أنني عاجز عن فهم هذه الكلمة بعد نصف قرن تقريبا من احتراف الكتابة والقراءة.

جريدة «الوطن» المصرية حققت سبقا صحافيا، أي أنها سبقت الآخرين في معرفة شيء وإعلانه لقرائها، فماذا كان هذا الشيء؟ لقد قامت بتسجيل جلسة خاصة بين المتهم وعدد من خلصائه أو زواره، ثم نشرت التسجيل كما أذاعته في التلفزيون بين تهليل الإعلاميين وإعجابهم.

كل ما قاله الرئيس السابق في التسجيل ليست له أي أهمية سياسية أو تاريخية، ويمكن وضعه في خانة «اللاشيء»، وهو تسجيل لا يستند إلى أساس قانوني؛ فهو انتهاك لحقوق مواطن متهم في قضية ولم تتم إدانته بعد، وحتى بعد إدانته لا بد من الحصول على موافقته، أو موافقة النائب العام طبقا لتقدير أجهزة مختصة.

لست أوافق على هذا المعنى لـ«السبق الصحافي»، وأطلب من هذا الجيل من الإعلاميين مراجعة مفاهيمه عن الحرية والديمقراطية. موقفي من جماعة الإخوان ثابت ومعروف، أنا لست ضدهم بدافع من الكراهية أو المزاج الشخصي، بل لموقفهم الخاطئ من الحرية والديمقراطية عندما حكموا، ولما يفعلونه الآن بالمصريين عندما خرجوا من الحكم، ولكن كل ذلك لا يعطيني الحق في انتهاك القانون حتى بالنسبة لفرد واحد منهم. عدوك لا يحترم القانون أو حقوق الإنسان، فهل تقلده؟

إذا ضاعت منا هذه الفرصة، في هذه الفترة المؤلمة في تاريخ مصر، لإرساء مبادئ حقوق الإنسان واحترام القانون، فلا أعتقد أنها ستسنح لنا مرة أخرى في المائة عام المقبلة. هذه هي فرصتنا لكي نثبت لأنفسنا وللعالم كله أننا مختلفون عن أعدائنا. هذا هو السباق الوحيد الذي علينا جميعا أن نخوضه.