«القاعدة» تهدد قاضيها!

TT

استمعت هذه الأيام إلى تسجيل صوتي لشخص إرهابي سعودي يهدد قاضيا سعوديا.

التسجيل واضح أنه مسرب من جماعات «القاعدة» في سوريا، وخلاصته تهديد هذا القاضي بقتله بأبشع طريقة يتصورها من خلال «فصل رأسه عن جسده» حسبما كرر المتصل الشاب، وهو يكز على أسنانه، إمعانا في إيصال الرسالة بوضوح وشراسة. وسبب التهديد هو أن القاضي حكم على نساء بالسجن مددا.

لست أعرف ملابسات القضية بالتفاصيل، ولا حيثيات الحكم، لكني أعرف أن هناك حركة نشطت في الفترة الأخيرة من قبل دعايات «القاعدة» ضد السعودية لتصوير القضية مع السلطات السعودية، وكأنها محصورة ببضع نساء محبوسات أو محبوس أزواجهن وآباؤهن.

دعايات «القاعدة» ضد السعودية منذ بداية نشاطها قبل أكثر من عقد كانت تركز على «كفر» الدولة السعودية، لأنها لا تحكم بشرع الله، وكان من مسببات هذا الحكم في الخطاب القاعدي «موالاة» الدولة السعودية للصليبيين والكفرة، وعلى رأسهم أميركا طبعا، وإيواء قواعدها العسكرية (هذه القواعد لم تصبح مغضبة لتلاميذ الظواهري في دولة خليجية أخرى!).

السبب الأخير، موالاة الصليبيين، تم التركيز عليه أكثر، وتقليل الحديث عن التكفير بعدم تحكيم الشريعة، حسب تنظيرات الأردني أبو محمد المقدسي الشهيرة. ذابت هذه الدعايات وفقدت زخمها مع الوقت، لكن منذ ثلاث سنوات تقريبا بدأنا نرى موجة أخرى من الدعاية القاعدية ضد الدولة السعودية، قائمة على «ملف المعتقلين»، تناغما مع لغة حقوق الإنسان، التي قد تجد له صدى خارجيا مؤيدا من قبل «رهبان» هذه الحقوق في العالم، ثم ضاقت الدائرة أكثر لنصبح أمام ملف شريحة من قضايا المعتقلين وهو نساء المعتقلين الغاضبات.

التركيز على شريحة النساء لاقى صدى متفاعلا لدى رموز النشاط الديني المسيس السعوديين. وتمت تعبئة الشارع، أو محاولة التعبئة، على أساس شعار: «إلا النساء» لما يملكه هذا الشعار من أثر متعدد الأوجه على متلقيه، فهو من جهة يثير «النخوة» الرجولية، لتصب مياه هذه النخوة في حوض المكاسب القاعدية. وهذا التفاعل تجاوز وعاظ الصحوة في السعودية إلى بعض مؤمني حقوق الإنسان بطريقة «عجائز نيسابور». الشاب القاعدي الذي هدد القاضي السعودي، ركز تهديده بعدم الاقتراب من ملف محاكمات «القاعدة» بكل حال، رجالا ونساء، في محاولة تخويف خطيرة.

القضية جد لا هزل، والمواجهة ما زالت محصورة في التعامل الأمني وبعض الوعظ الديني والهجائيات الإعلامية.