هل تعلم عن جيفرسون؟

TT

من حسن رد التحية إذا وجد طالع المرء حسنا أن ينشر عبقه العطر بين الناس. هذا هو سبب الكلمات التالية.

نشر في هذه الجريدة قبل يومين مقابلة ممتعة وثرية للزميل محمد علي صالح من واشنطن مع دكتورة دينيس سبيلبيرغ أستاذة مساعدة في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط في جامعة تكساس (في أوستن).

في المقابلة تحدثت الدكتورة سبيلبيرغ عن تاريخ العلاقة بين المسلمين وأميركا منذ لحظة الرواد المؤسسين. وهي معنية بتمييز الجانب السياسي والاقتصادي عن الجانب الديني الدعائي.

تذكر المؤرخة الأميركية المتخصصة في التاريخ الإسلامي القديم، إضافة لتخصصها، تقريبا، بتاريخ الرئيس الثالث لأميركا توماس جيفرسون، وهو من الآباء المؤسسين للهوية الأميركية، أنه في عام 1801، صار توماس جيفرسون الرئيس الثالث، فأعلن الحرب ضد القراصنة المسلمين في غرب البحر الأبيض المتوسط، تحديدا ضد ليبيا التي كانت تسمى «دولة طرابلس الإسلامية». في أول حرب أميركية في الخارج، وأول حرب ضد دولة إسلامية، لكنه كان حريصا من خلال رسائله على تأكيد أنها حرب اقتصادية فقط، وأن أميركا «لا تكن أي نوع من العداء لدين وقوانين وأمن المسلمين». وعن هيمنة النظرة الدينية الارتيابية لدى بروتستانت أميركا، وهم غالبية السكان البيض الرواد لأميركا، تشير المؤرخة سبيلبيرغ إلى أنه في عهد جيفرسون، لم يخف الأميركيون البروتستانت فقط من المسلمين، بل خافوا من المسيحيين الكاثوليك واليهود. واتهم الكاثوليك واليهود بأنهم «غير أميركيين».

المثير في المقابلة هي اللمحات التي وردت عن اهتمام جيفرسون نفسه بالنظرة الودية تجاه الإسلام والمسلمين. منه أنه في عام 1765، قبل 11 عاما من إعلان الاستقلال، كان طالبا في كلية الحقوق في جامعة فرجينيا. نظر إلى القرآن كمصدر لقانون مقدس. واشترى نسخة من المصحف الذي ترجمه البريطاني جورج سيل. وخلال بحث جيفرسون في القوانين الأوروبية، وجد قانونا بريطانيا يدعو إلى التسامح مع المسلمين. وأنهم «بشر مثلنا».

في عام 1776، بعد شهور من كتابة وثيقة الاستقلال، وجد خلال دراساته، عبارة من عام 1689، كتبها الفيلسوف البريطاني جون لوك عن التسامح الديني. وفيها: «يجب عدم استثناء (المحمديين) - المسلمين - واليهود من الحقوق المدنية بسبب الدين».

اليوم توجد هذه العبارة بخط جيفرسون في مكتبة الكونغرس.

الجهل بالتاريخ يورث العيش في الأوهام.

قال صاحب قصيدة الجندول:

أنا من ضيّع في الأوهام عمره

نسي التاريخ أم أنسي ذكره