يوم «اللطف» العالمي

TT

من أجمل العبارات التي قرأتها عن اللطف هي أن: سلوكنا اللطيف يدفع آخرين إلى فعل الخير حتى يصل تأثيره إلى نحو أربعة أشخاص على الأقل. وهذه العبارة تسندها أبحاث قام بها الباحث «برهن فاولر» بحسب تقرير نشرته صحيفة «الجريدة» على صدر صفحتها الأولى أمس احتفالا بيوم اللطف العالمي.

والحق أن اللطف يشيع أجواء من المودة والوئام. وينبهك إلى أن هناك من يهمه أمرك، أو يمشي بحاجتك، أو يتبسم في وجهك، أو يفرج عنك كربة، أو يحترم رأيك، وإذا ما أراد أن يختلف لجأ إلى النقد البناء الذي يبني المشاعر والعلاقات ولا يهدمها.

وما زلت أذكر جيدا صاحب تلك السيارة، حينما دفع قيمة تذكرة موقف سيارتنا إلى الكاشير وهو لا يعرف من يقف خلفه بالسيارة فتبعناه لنشكره على حسن صنيعه. وذلك الذي دفع قيمة عشاءنا في أحد المطاعم الشعبية رغم أنه كان يجلس في طاولة منفصلة وبعيدة! وعلى النقيض أذكر كيف أدت الفظاظة في تعامل أحد ركاب مع المضيفات بالطائرة وصراخه إلى أن أخرجه رجال الأمن عنوة إلى خارج الطائرة بأمر حاسم من القبطان لنقلع جميعا من دونه! أحيانا، ينال الإنسان بلطفه وكلامه المعسول ما يعجز عن بلوغه عشرات الناس. فلدماثة الخلق وقع كبير على العلاقات الإنسانية.

كما أن اللطف سلوك معدٍ، وقد يكون بداية صداقة جديدة. ولحسن الحظ فإن اللطف يمكن اكتسابه بالمران والتعود مثلما يحدث في عالم الفندقة ومبيعات التجزئة التي يتحول فيها الفرد من عبوس إلى بشوش ينتقي كلماته بحذر وذكاء.

ولله الحمد والمنة، الذي لم يجعل للكلام اللطيف قيمة مادية وإلا لتضاعف بخل البعض في إنفاقه. فتستطيع بنظرات صادقة تتابع فيها من يتحدث بحرقة أو بألم أو بسعادة غامرة أن تدخل السرور على قلبه بحسن إصغائك وتفاعلك. وهذه المعاني كلها تطرق إليها الرائع «ديل كارنيجي» في كتابه الخالد «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس» الذي ما زال من أكثر الكتب مبيعا حتى بعد وفاته.

وليت القادة العرب يحتفلون بهذا اليوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في بلدانهم ووزاراتهم وشركاتهم ليشيعوا ثقافة اللطف والسلوك المهذب، فقد أرهقنا العنف اللفظي والبدني حتى صار العرب في أفلام الغربيين أيقونة للعنف والتخريب. نريد بهذا الاحتفال أن نذكر أنفسنا بقوة أن نفعل شيئا لطيفا ولو ليوم واحد وهو ما يدعو إليه «مشروع النوير» التطوعي في الكويت وهي رمزية إلى زهور برية جميلة تنبت في وسط صحرائنا القاحلة لتذكرنا بأنه مهما كانت قتامة المشهد من حولك فهناك من يتحلون بسلوك إيجابي.

[email protected]