طغيان الأغلبية

TT

إن أفضل وصف يمكن أن يصور التغيير المذهل للوائح الذي أجراه الديمقراطيون بمجلس الشيوخ يوم الخميس هو «أوباما كير الثانية»، والذي عدّ بمثابة ممارسة أخرى للسلطة السياسية الحزبية التي تسمح للأغلبية بأن تفعل ما تشاء. وكان الهدف، في هذه المرة، هو تقديم أجندتها التي لم يجر مراجعتها من خلال المحاكم والوكالات التنفيذية.

ومع معارضة جميع الأعضاء الجمهوريين، صوت مجلس الشيوخ بنسبة 52 في المائة مقابل 48 في المائة بالموافقة على إنفاذ «الخيار الدستوري»، الذي يسمح لأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين والمصوتين (وعليه، فليس بالضرورة أن تتعدى نسبة التصويت حاجز 51 في المائة) بالموافقة على مرشحي الرئيس باستثناء قضاة المحكمة العليا، والذي ألغى «محاولات إتباع منهج العرقلة البرلمانية»، وهي أسلوب مماطلة داخل المجالس التشريعية تمكن أي سيناتور أميركي من قتل أي مشروع قانون من خلال الإسهاب في مناقشته وقتله بحثا، حيث كان مطلوبا 60 صوتا لإنهاء تلك المحاولات. لكن تلك كانت المحاولة الأكثر خطورة لإعادة صياغة قوانين مجلس الشيوخ منذ أن أرساها توماس جفرسون. فسوف يؤدي هذا الإجراء إلى توفير فرصة دائمة لـ«طغيان الأغلبية» الذي قال عنه ألكسيس دي توكفيل أنه واحد من أخطر التهديدات التي تواجه الديمقراطية الأميركية.

وقد قدم الديمقراطيون أعذارا وحججا واهية، الكثير منها غير حقيقي:

العذر الأول: مُنع مرشحي الرئيس أوباما بصورة مجحفة من الحصول على مقاعد بسبب الإخفاق في التصويت بإنهاء المناقشة أو محاولات المماطلة السياسية.

ووفقا لما ذكرته وكالة خدمات البحث بالكونغرس، لم يجر إقصاء أي مرشح للمحكمة العليا عبر محاولات العرقلة البرلمانية في مجلس الشيوخ. (ويتمثل الاستثناء، القابل للجدل والمناقشة، في الترشيح المحكوم عليه بالفشل تعيين آبي فورتاس في منصب كبير المستشارين، حيث أدى ذلك الأمر إلى تصميم الرئيس ليندون جونسون على إغلاق باب المناقشة بأخذ الأصوات بشأن موضوع النقاش لحفظ ماء الوجه). كم كان عدد قضاة المحكمة الفيدرالية والمرشحين لتولي حقائب وزارية رفضوا نتيجة المماطلة البرلمانية؟ الإجابة: صفر. وبشأن المرشحين لتولي مناصب عليا لم يرفض سوى اثنين ممن رشحهم الرئيس أوباما وثلاثة لجورج بوش واثنين لبيل كلينتون. هذا كل شيء.

أما بالنسبة لقضاة محكمة الاستئناف، منعت المماطلة الجمهورية تعيين خمسة قضاة، لكن ذلك لم يحدث إلا عقب منع الديمقراطيين لخمسة قضاة أيضا. كانت البداية في عام 2003 عندما رفض الديمقراطيون 10 مرشحين لبوش، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يرفض فيها مرشحو الرئيس بسبب الفشل في إنهاء الجلسات. فكر الجمهوريون في اللجوء إلى الخيار الدستوري، وعيّن خمسة من بين عشرة.

العذر الثاني هو أن مرشحي الرئيس أوباما انتظروا وقتا أطول من اللازم للتصديق على تعيينها.

أكدت وكالة أبحاث الكونغرس أن مرشحي أوباما في الفترة الرئاسية الثانية صُدّق على تعيينهم بعد نفس الفترة التي صُدق على نظرائهم فيها في إدارتي بوش وكلينتون.

وهذا العام وافق مجلس الشيوخ على تعيين 36 قاضيا للمحاكم الجزئية مقارنة بـ14 في عهد بوش عام 2005.

العذر الثالث هو أن معارضة الجمهوريين تركت زعيم الأقلية الديمقراطية عاجزا عن التصرف.

وحدها أغلبية اللجنة الديمقراطية قادرة على وضع المرشحين على لائحة العمل التنفيذية. ووحده زعيم الأغلبية هو القادرة على التعجيل بهذا التصديق.

العذر الرابع هو أن الجمهوريين منعوا دون مبرر الرئيس من تعيين قضاة في محكمة الاستئناف في دائرة واشنطن.

لكن الديمقراطيين قاموا في عام 2006 بما يطالب به الديمقراطيون في عام 2013، من نقل قضاة من محاكم، حيث لا توجد حاجة لهم بها إلى أماكن تزداد الحاجة إليهم فيها. ولم يروا في ذلك ظلما آنذاك. وفي عام 2006 قال الديمقراطيون في اللجنة القضائية وكان من بينهم السيناتور باتريك ليهي وجو بايدن وتشاك سكومر وديك دوربين إنهم لن يصدقوا «تحت أي ظرف من الظروف» على تعيين أي قاض في محكمة العاصمة، لأن طاقة عملها تبلغ نصف المعدل الوطني، وهناك طوارئ قضائية في أماكن أخرى. إذا لماذا يقف زعيم الأغلبية هاري ريد (الديمقراطي عن ولاية نيفادا)، بتغيير هذه القواعد التي قال في عام 2006 أنها ستكون نهاية مجلس الشيوخ؟ لأن التصويت لم يكن بشأن المماطلة. لقد كان بشأن السماح للأغلبية بالقيام بما ترغب فيه. يمكنك وصفها بـ«أوباما كير الثانية»، والتي سيكون العلاج الوحيد لها استفتاء في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

* خدمة واشنطن بوست

* النائب الجمهوري الذي يمثل

ولاية تينيسي في مجلس الشيوخ