درس لمن يريد الاستفادة

TT

ادى ضرب مقر المخابرات البريطانية بصاروخ الليلة قبل الماضية الى الفوضى والاضطراب في حياة الكثيرين من اللندنيين. فقد اغلقت الشرطة العديد من الطرق واحدى المحطات الرئيسية للقطارات (ووترلو) بحثا عن الادلة مما اثر على المسار المعتاد للحياة اليومية لاكثر من مليون شخص. ولم تتوفر معلومات فورية عن المسؤول عن هذا الهجوم، الذي يبدو انه دبر بطريقة خاصة لحمل رسالة ذات مغزى، لكن الخبراء يشيرون باصابع الاتهام الى جماعة صغيرة منشقة عن الجيش الجمهوري الايرلندي السري. ويؤكد الخبراء ان عدد افراد هذه الزمرة لا يزيد عن بضع عشرات من المتطرفين الذين يرفضون قرار الجيش الجمهوري الايرلندي بابرام اتفاقية وقف اطلاق نار مع السلطات البريطانية.

وبتعبير آخر، فان مجرد بضع عشرات من متطرفين قادرون على تعطيل الحياة في مدينة كبرى، والضغط على الحكومة بما يسببونه من اقلاق لراحة المواطن العادي. ويأتي الهجوم اللندني، بالمصادفة، قبيل ساعات من نجاح متطرفين من الباسك في اغتيال سياسي اسباني، وهناك ايضا القى المراقبون المسؤولية على كتلة صغيرة منشقة عن حركة «ايتا» الانفصالية في الباسك التي القي القبض على زعيمها الاكبر في فرنسا الاسبوع الماضي. ويبدو ان هذه الزمرة قررت ان تسدد ضربتها قبل ان تشرع المنظمة الام، ايتا، في جولة مباحثات سلمية جديدة مع الحكومة الاسبانية.

ومع ان الارهاب لا يمكن ان يسوغ مهما كانت المبررات، فمن الواضع ان حادثي بريطانيا واسبانيا يرسلان درسا لمن يريد الاستفادة. ويمكن القول ان اسرائيل هي من الاطراف التي قد يعنيها الامر. فأية تسوية جزئية لا تأخذ في الاعتبار كل المطالب الفلسطينية لن تضمن، على الارجح، الامن الذي تنشده اسرائيل، وكلما اختلت اتفاقات السلام، ضعفت امكانيات توفير الامن المنشود، وكلما زاد الحيف الذي يلحق بالفلسطينيين، ضؤلت فرص الاتفاق على السلام.

باختصار من الواضح ان مشاعر السخط يمكن ان تجد دائما من يوظفها على نحو يعطي ثمارا مرة، ولو على اوهى الاغصان واصغرها.