فؤاد بحراوي.. علم يترجل

TT

لست من أرباب القلم والكتابة.. غير أن بعض المواقف تستثير مشاعرك وتجبرك على نثر الحروف إما تأثرا أو وفاء وربما بهما معا.

لا شك أن لرحيل الكبار وقعا خاصا في نفوس المحبين، لا سيما عندما يكون الراحل ذا مكانة عالية بحجم الفقيد أخي وزميلي فؤاد بحراوي بشخصيته المتميزة إنسانيا ومهنيا ومعرفيا، تتشابك عنده كافة المعاني السامية، وتتآلف في قلبه وروحه كل القيم النبيلة التي لا تليق إلا بأصحاب البصيرة والخبرة والحنكة والهمة العالية.

(أبو سامي) لم يكن فقيدا لأهله وأحبابه وأصدقائه فحسب، بل هو فقيد الأوساط الاقتصادية ومجتمع رجال المال والأعمال، فكان علما من أعلام الاقتصاد والإدارة ورائدا من رواد الأعمال المصرفية، ورمزا من رموز الود والوفاء والإخلاص والالتزام.

20 سنة رصيد معرفتي بـ(أبو سامي)، عرفته زميلا وصديقا صدوقا لوالدي رحمه الله (سليمان العليان) وامتدت معرفتي به بعد ذلك لأكتشف كل يوم ألتقيه عمق هذا الرجل، ونبل معشره، ومكارم أخلاقه، وكنت كلما اجتمعت إليه أو استمعت إلى صوته يتراءى إليّ طيف والدي – رحمه الله، وأتذكّر مآثرهما معا، وبصمات تجربتهما المشتركة الراسخة، ليعيد إليّ عبق الأيام الخوالي، وروعة الماضي بكل تجلياته.

عشرون سنة قضاها أبو سامي - رحمه الله - في مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني، استطاع خلالها وضع بصماته في مسيرة نماء وتطور البنك في مختلف المراحل والظروف؛ فقد أسهم في قيادة سلسلة الاستثمارات المصرفية، واستفاد البنك من خبراته الواسعة في مجال الأعمال وكفاءته العلمية والعملية وأفكاره النيرة، فلم يدخر - رحمه الله - جهدا في سبيل الارتقاء بأعمال البنك وتوسيع قاعدة استثماراته ونشاطاته وتنويعها، فكان لإسهاماته - رحمه الله - بالغ الأثر في نجاح خطط البنك في توسيع قاعدة استثماراته وتنويع أنشطته، بتوليه رئاسة مجلس إدارة شركة «ساب» للتكافل، وعضويته في مجلس إدارة شركة إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة.

سماحته ووداعته امتدت لكل من عمل معه، وتحفّزه الدائم للسؤال عن الآخرين والاطمئنان على أحوالهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم رغم ازدحام مسؤولياته وانشغالاته لم يخبُ أبدا، حتى وهو على سرير المرض، كان حريصا كل الحرص على التواصل مع زملائه في البنك ليسأل عن سير الأعمال، يدفعه الإخلاص والاجتهاد وشغفه الدائم بالنجاح والتقدم من دون أدنى اعتبار لمرض أو اعترافٍ بتعب، أو انحناء أمام سطوة الزمن، فالعمل والإنتاج لدى «فؤاد بحراوي» كانا يبثان فيه الطاقة التي تضيء له درب النجاح وتتبدد بهما ظلمة نوائب الدهر...

عزاؤنا الوحيد أن الأحبة وإنْ وارى جسدهم الثرى إلا أن مآثرهم لا تزال تحكي سيرتهم وأمجادهم لتبقى نبراسا ينير طريق من يخلفهم. ونسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

* رئيس مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني (ساب)