دستوركم يا أسيادي

TT

سمعت صوتا هاتفا في السحر. لم أكن أحلم. رددت عليه: «من الهاتف؟»، فردّ بصوت لطيف: أنا الشعب، جئت أطلب منك كتابة الدستور. «ولكنهم كتبوه يا سيدي، وأنا لست أفهم في الدساتير يا سيدي الشعب؛ لماذا لا تطلب مني أن أكتب لك مسرحية؟!». قال: أنت مثقف عملي، وأنا أطلب منك أنت بالذات أن تكتب لي دستوري الذي أريد من مواده أن تفعّل نفسها على الفور في الحياة اليومية، لست أريد عالما في كتابة الدساتير، أنا أريد كاتبا جاهلا بالقوانين والدساتير. شرطي الوحيد أن يكون عاشقا للحياة.. اكتب لي دستوري من فضلك.

بعد فنجان القهوة الخامس، بدأت في كتابة الديباجة. كلفني الشعب المصري كتابة دستور جديد للبلاد والعباد، للحاضر والمستقبل، للريف والحضر، للدنيا والدين، للمرأة والرجل، والهدف النهائي منه أن تسعد كل الناس، أو على الأقل يكون لهم الحق في البحث عن السعادة.

مادة 1 - يلتزم المواطن في كل مجالات العمل بأن يبدأ نشاطه في الثامنة صباحا، ومن يتأخر عن ذلك يُحاكم ويُنفَ إلى سيبريا، طبقا لما يقرره القانون باتفاق خاص مع روسيا.

مادة 2 - على قائدي سيارات الأجرة والنقل وما في حكمها أن يتوقفوا على الفور على يمين الطريق عند سماع «سرينة» سيارات الإطفاء والإسعاف والشرطة. ومن يمتنع عن ذلك يُعاقب بالحبس 10 أعوام مع الشغل، وتُطلّق منه زوجته، ويُطرد من بيته ومن عمله.

مادة 3 - العمال شركاء في أرباح الشركات والمؤسسات، ومن يمتنع عن صرف الأرباح لهم يُنفَ إلى منطقة حلايب وشلاتين، وإذا عاد إلى الوادي، يُنفى إلى سيبريا، وإذا عاد إلى مصر تكون عقوبته الأشغال الشاقة المؤبدة. وبما أن العمال شركاء، طبقا للقانون، فعليهم أن يدفعوا نصيبهم من خسائر المصانع والمؤسسات والشركات، طبقا لما يحدده القانون، ومن يمتنع عن الدفع يُعاقب بالحبس والغرامة، طبقا لما يحدده القانون.

مادة 4 - الوزراء ورؤساء مجالس الإدارات وكل من يحتلون مناصب رفيعة ومن في حكمهم، في حال انتهاكهم لمواد هذا الدستور، يجري نفيهم إلى مدينة شرم الشيخ، وإذا عادوا إلى الوادي يجري نفيهم إلى مدينة الغردقة، وإذا عادوا يجري نفيهم إلى الساحل الشمالي في شهور الصيف، كما يجري ترحيلهم إلى مدينتي الأقصر وأسوان شتاء.

مادة 5 - الدروس الخصوصية جريمة لا تسقط بالتقادم، وعلى وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي أن تقوما بوضع جهاز تسجيل في كل فصل وقاعة محاضرات للتأكد من أن المدرسين يقومون بواجبهم على أكمل وجه، ويُعاقب كل من يعطي دروسا خصوصية بالسحل والسجن؛ أيهما أشد.

مادة 6 - المياه مصدر الحياة، وكل من يلوثها أو يتسبب في تلويثها، يُعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، إذا كان مواطنا عاديا، أما إذا كان تابعا للحكومة أو للقطاع العام، فيجري إنذاره ويُنَبّه عليه مشددا بأن يكف عن تلويث المياه، ويُعطى مهلة يحددها القانون، بشرط أن لا تزيد عن مائة عام، وإذا لم يلتزم بذلك يجري «تجريسه» في التلفزيون وبقية وسائل الإعلام.

وما زلت أفكر في بقية المواد.