.. وصدر نظام مكافحة الإرهاب

TT

يقول الخبر إن الحكومة السعودية أعلنت عن نظام (قانون) رسمي حول الإرهاب، يحدد معناه، ويفصل صوره، ويوضح عقوباته.

فبعد الجلسة الأسبوعية، كل يوم اثنين، قرر مجلس الوزراء السعودي الموافقة على نظام جرائم الإرهاب وتمويله. النظام الجديد عرّف الجريمة الإرهابية بصياغة قانونية تفصيلية، على حسب لغة الخبراء المعروفة في هذا المجال. كما حرص هذا القانون السعودي، حسب نصه، على «التوازن بين الأخطار التي تؤول إليها تلك الجرائم، وبين حماية حقوق الإنسان التي حفظتها وأكدت عليها الشريعة الإسلامية». يبقى تطبيق هذا النظام بعد صدور لائحته التنفيذية. هذه خطوة متقدمة، وضرورية، لتصنيف الجريمة، وتحديد العقوبة، وفق صياغات واضحة، وترك الغموض القاتل في مثل هذه الأحوال.

هناك فوضى ضارة في مجال مكافحة الإرهاب، في شقه المعنوي، وليس شقه الأمني، بحجة أن الحرب القانونية ستثير «أحزمة» الفكر الإرهابي المحيطة به. الحق أن التهويل والتخويف بمثل هذه الحجج هو الذي عطل نجاعة وفعالية الحرب على الإرهاب، بحيث يترك أو يعاقب عقوبة سهلة سمحة من يحرض على الجريمة الإرهابية، ومن يعذّر لها، ومن يجند، ومن يمول، ومن ينظم، ومن يوفر المأوى، ومن يتستر على جنود «القاعدة» وانتحارييها، بذريعة أنهم «أهل خير» ودعاة إلى الله ربما «اجتهدوا»، وغير ذلك من الدعايات التي تمس صميم الشعور العميق لكل فرد عادي في المجتمع، خصوصا إذا كان هذا الفرد ساذج الوعي. وهنا تكمن المشكلة، أعني مشكلة «البيئة الحاضنة» للإرهاب التي تفاجئنا كل حين بغلام جديد يفجر نفسه.

انتهى الأمر، يجب توسيع نطاق الحرب على الإرهاب. القصة ليست في الشاب المزنّر بحزام ناسف، أو من يقود سيارة مفخخة، أو من يطلق النار على الناس. هؤلاء هم النهاية الطَرَفية لمسلسل معقد وحافل من التعبئة والتحريض والحماية، التي يقوم بها من يستغل أموال الصدقات والزكوات والعواطف الدينية. كلها سلسلة متصلة ببعضها، لا نتحدث عن الجميع، فمؤكد هناك خيرون يريدون عمل الخير، بل نتحدث عمن يركب خيل الخير للوصول إلى ظهر الشر. لو نتذكر، فإن ثمة حربا أخرى على السعودية، هي حرب المخدرات، ولما صدر نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بتاريخ 1426/7/8هـ، ولائحته التنفيذية بتاريخ 1431/6/10هـ، لتعريف الجريمة، وتحديد عقوبتها، عرف كل طرف دوره في مكافحة المخدرات، من القضاء إلى الشرطة، وتبين مع الوقت نجاعة هذا النظام. الآن نتمنى أن يكون لنظام مكافحة الإرهاب الأثر نفسه، رغم أن هناك من ستحمرّ أنوفهم حنقا على هذا النظام، فالفوضى والتهويل الدعائي سلاح مفيد لمن يريد العبور من مساحات الفراغ والغموض إلى مبتغاه.