«القاعدة» بريئة.. لم الظلم؟

TT

حينما صعق الناس من مشاهد القتل الهمجي في مستشفى العرضي اليمني الذي نفذته «القاعدة» هناك، بادر «المعذّرون» من الخوالف واخترعوا الحجج لصرف التهمة عن جنود «القاعدة»، تارة على قفا الحوثيين، وأخرى على ظهر المخابرات اليمنية. الآن، يخرج نجم «القاعدة» في اليمن، قاسم الريمي، أو أبو هريرة الصنعاني، بالصوت والصورة، مؤيدا هذا الهجوم وشارحا له، الهجوم الذي قتل فيه مجرمو «القاعدة» الممرضات والمرضى والمراجعين والموظفين «الغلابة» بدم بارد، مقدما اعتذاره لتهور أحد الشباب في القتل الخطأ، ومقترحا تقديم «ديات» لأسر الضحايا، ومكررا شرعية فكرة الهجوم، وبس!

الكلام هنا ليس عن هذا الهجوم، فقد سبق هذا الكلام هنا قبل أيام، بل عن سلوك الهروب وعن مواجهة الحقيقة واختراع أعداء من الخيال. بأي حجة قال من قال من محبي «القاعدة»، عن بعد، إن من نفذ الهجوم هم جماعة الحوثي؟ بأي سند قالوا إن من اقترف هذا الخزي هم المخابرات اليمنية؟

لا حجة، ولا سند، فقط كلام من وحي الخاطر، لدفع النقد عن «إخواننا» وليذهب الدليل ولتذهب الحقيقة إلى الجحيم، وكله باسم الجهاد في سبيل الله. ألا يذكركم هذا السلوك الإنكاري بما جرى، وما زال يجري، تجاه التعامل مع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بأميركا؟

قيل، وما زال يقال بصيغ متعددة، إن ما جرى هو مؤامرة أميركية تارة، وإسرائيلية تارة أخرى، وصربية تارة ثالثة، والأخيرة حسب تحليل «الأستاذ» هيكل حينها. لن نكرر الجدل الذي قيل طيلة أكثر من 10 سنوات، مع هذا الكلام، فلا فائدة منه، وسنصدق بالفعل أن «القاعدة» والإرهابيين براء من هذه الهجمات براءة الذئب من دم ابن يعقوب. حقا كيف يقوم بهذه العملية المعقدة شبان جهلة؟ وكيف تهمل المخابرات الأميركية، ومثلها الإسرائيلية، ولا تنسَ الصربية، حركة هؤلاء؟ أما اعتراف أسامة بن لادن بهجمات 11 سبتمبر، ووصايا المنفذين، فكل هذا مجرد «فشخرة» وغباء، استدرجهم إليه «الغامضون» من أشرار الغرب.

حسنا، كل هذا صحيح، وكل كلام يخالفه باطل. ثمة فقط سؤال يكدر صفاء هذا التحليل وتماسكه:

ماذا عن الهجمات التي سبقت 11 سبتمبر 2001، والتي تلت 11 سبتمبر 2001، وما زالت؟ عشرات العمليات الانتحارية والاغتيالات والمفخخات في: عدن وصنعاء، والرياض وجدة والخبر والمدينة والقصيم وينبع، وشرم الشيخ وطابا والقاهرة والإسكندرية والأقصر، وجربة وتونس، والجزائر والبليدة، والدار البيضاء ومراكش، ونيروبي ودار السلام، وبالي وجاكرتا، وإسلام آباد، وإسطنبول، ومدريد ولندن وباريس، ومرة أخرى واشنطن ونيويورك... وغيرها كثير. كل هذه الهجمات من صنع نفس الجهة التي قامت بـ11 سبتمبر؟

أفيدونا يا رعاكم الله... وسنصدقكم. حتى لو كان الفاعل المخابرات التشيلية.