جمهورية أفريقيا الوسطى بحاجة إلى مساعدة دولية

TT

في وقت يتشارك فيه كثيرون في احتفالات رأس السنة الميلادية في هذا الوقت من العام، لا تزال بلدنا، أفريقيا الوسطى يقف على شفا حرب دينية. ففي بلد يجد معظم دول العالم صعوبة في العثور عليه على الخريطة، يقف أكثر من مليوني نسمة (ما يقرب من نصف سكان البلاد)، في حاجة ماسة إلى المساعدات. وبينما نكتب هذا المقال، يعيش ما يقرب من 40 ألف شخص دون مأوى يتكدسون في مجمع مطار العاصمة بانغي، التي شهدت مقتل المئات الأسبوع الماضي فقط، بينهم مرضى جرى إخراجهم من المستشفيات وإعدامهم. وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأنه «يشعر بقلق بالغ إزاء الخطر الداهم من الفظائع الجماعية». ونخشى أنه إن لم نلق استجابة دولية واسعة النطاق، فسوف تسقط بلدنا في هوة سحيقة.

ونظرا لمكانتنا كقادة للطوائف المسيحية والمسلمة في بلادنا، على التوالي، فإننا ندرك مسؤوليتنا في انتهاج مسار بعيد عن العنف. وقد دفع زملاؤنا من القساوسة والأئمة على حد سواء ثمنا باهظا لتوليهم هذه المسؤولية، ونخشى من أن الأسوأ لم يأت بعد.

كانت أعمال العنف قد اندلعت في مارس (آذار) الماضي بعد تولي مقاتلي سيليكا السلطة إثر انقلاب. هذا الائتلاف الواسع من الجماعات المسلحة، التي تتكون غالبيتها من مسلمين، جاءوا من الشمال الذي تسيطر عليه أغلبية مسلمة وكذلك من بلدان أخرى. وتواصلت أعمال السرقة والنهب التي قامت بها مجموعات سيليكا لعدة أشهر، دفعت المدنيين وغالبيتهم من الجماعات المسيحية إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. عندما وصلت القوات الفرنسية للمساعدة في استعادة الأمن فرت ميليشيا سيليكا، التي انقسمت إلى عدة فصائل، شمالا، متنكرين في زي مدني. واليوم، يواجه المسلمون العزل خطر حملة انتقام بشعة.

نحن جزء من محاولة يقوم بها قادة الديانتين أخذت على عاتقها وقف الانزلاق نحو مزيد من الانقسام والفوضى. فالصراع في بلادنا ليس، في جوهره، صراعا بين مسلمين ومسيحيين، بل هو أزمة إنسانية ناجمة عن عدم الاستقرار السياسي. ولكن إذا تركت هكذا، فقد يتعذر وقفها.

وقد سافرنا في أنحاء البلاد، وقمنا بزيارة مئات القرى والتحدث مع عدد لا يحصى من المواطنين ندعو إلى السلام والمصالحة كبديل لمزيد من سفك الدماء. وخلال جولاتنا التي لم تكن ممكنة، إلا في ظل حماية قوات حفظ سلام من دول مجاورة، لمسنا شعورا بالخوف. فلا يمر يوم من دون العثور على جثث على الطريق أو في الشجيرات، وقد استقبلنا الناس الذين كانوا في عجلة للفرار حتى إنهم لم يتمكنوا من دفن أطفالهم.

ونحن نكن تقديرا بالغا للمساعدات العسكرية والإنسانية التي قدمتها الولايات المتحدة التي تدعم القوات الفرنسية والأفريقية. وقد أعطت قوات المساعدة والأمن بلادنا فرصة لبداية جديدة، ولكن التقدم لا يزال هشا، وهؤلاء الجنود لا يمكنهم تحمل هذا العبء وحدهم. لذا فنحن نعتقد أن الطريقة المثلى لوقف القتل، هي الحصول على تصريح سريع لقوة حفظ السلام الدولية، التي تملك الموارد اللازمة لحماية المدنيين بشكل كاف في بلادنا. ينبغي على الأمم المتحدة التحرك بشكل عاجل لإصدار القرار وإرسال مثل هذه القوة. وينبغي أن تقدم الولايات المتحدة دعما قويا لهذه القوات.

وقد التقينا مؤخرا سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، في بانغي وأخبرناها أن الأمن الذي توفره قوة حفظ السلام للأمم المتحدة يمكن أن يمنحنا فرصة لحماية مستقبل بلدنا. فبمساعدة من قوات الأمم المتحدة لتأمين طرقاتنا وبيوتنا وتوفير المساعدات واللقاحات، يمكن أن تحل الأمل محل الخوف - وأن تتضح فوائد السلام الحقيقي الذي من شأنه مساعدتنا على توحيد شعبنا. والتزام الأمم المتحدة تجاه بلدنا سيسمح لنا بالتركيز على استعادة التعايش بين مجتمعاتنا.

المصالحة والسلام يمكن تحقيقهما، فقد نشأنا في جو من التسامح، ونملك تاريخا من توقير واحترام الديانات المختلفة، فأعياد الميلاد وشهر رمضان أعياد رسمية وطنية. ولذا فنحن بحاجة إلى إعادة بناء بلدنا ونسيجنا الاجتماعي، ونحن نعول على الأمم المتحدة في أن تمنحنا فرصة للقيام بذلك. فالسلام لا يقدر بثمن، ونحن نأمل في أن تساعدنا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على تحقيق ذلك.

* ديودوني نازابالينغا أسقف الكاثوليك الرومان في بانغي، وعمر كابيني لايمان إمام ورئيس الطائفة المسلمة في جمهورية أفريقيا الوسطى

* خدمة «واشنطن بوست»