حتى لا نواصل تجهيل الخبر السوري في 2014

TT

في المقال الأخير لهذه السنة، تغلبنا ربما الرغبة في مقاومة التواطؤ مع العالم حيال ما يجري في سوريا. هناك حاجة لجهد استثنائي وخلاق كي يستعيد الخبر السوري موقعه كخبر أول ويخرج من الدائرة المقفلة التي تطوقه. فالوقائع السورية تخيف السوريين والمحيط والعالم وسط استمرار الفظائع وتبدل الأحوال على الأرض.

علينا كإعلام أن نتأمل وأن نقاوم استكانة السوريين القسرية لمسلّمة أن موتهم ما عاد يثير الكثير من الجلبة.

لا صواريخ النظام ولا براميله المتفجرة ولا سلاحه الكيماوي ولا المجازر بالسلاح الأبيض ولا حتى الموت تحت التعذيب أو الفقدان القسري. لا موت الأطفال جوعا أو بردا أو تآكل أجسادهم، كل هذا لم يعد خبرا والصورة لا تصل سوى لمن يرغب بأن يثقل قلبه بمشاهد اعتقدنا أنها انقرضت فيبحث عنها عبر فضاءات الإنترنت الرحبة.

أدرك السوريون حقيقة أن صورهم التي كانوا يلتقطونها في العامين الأول والثاني للثورة لم تعد تفعل في الرأي العام ما كانت تفعله قبلا.. فاليوم، ثمة بلادة كونية متفشية حيال الموت السوري، والبلادة هذه سياسية إعلامية وأخلاقية.

وكأن هناك قرارا عربيا وعالميا بأننا اكتفينا من الخبر السوري حتى ولو مات نصف الشعب السوري بل حتى لو دمر كله تحت الرماد أو في العراء. ألم تجهد صور ضحايا البراميل المتفجرة على حلب الأسبوعين الماضيين لتجد مكانا لها في الإعلام وهي بالكاد وجدت.

صحيح أن الموت ذبحا على يد إرهابيي «داعش» وبعض فصائل المعارضة المتطرفة لا يزال يثير القليل من الاهتمام لكن المستفظعين لأهوال «داعش» من دون أهوال النظام تغلب عليهم فكرة باتت ممجوجة وهي أن نظام بشار الأسد رغم كل دمويته وبطشه فهو يبقى أفضل للاستقرار في المنطقة مقارنة بعصابات الذبح الداعشية.

نعم، لقد جهد النظام لاختراع صورته للحدث السوري وفيديوهاته أو بالأحرى أكاذيبه المصورة وساهم في الترويج لـ«داعش» ومثيلاتها حتى ذوت صرخات السوريين وهم يقتلون تحت البراميل المتفجرة «العلمانية».

مع هذا لم يكل السوريون.

لقد سجلت كاميرات وهواتف كثيرة في العام المنصرم يوميات الموت السوري. كان العام الأقسى من حيث تزايد التوحش في القتل والاستهداف وباتت الكاميرا سواء أكانت عبر هاتف ذكي أم كاميرا صغيرة مهربة هي الشريك الأبرز في لحظات القتل، بل كأن القتل يجري أحيانا لتسجله الكاميرا ومن ثم بثه إلى العالم.

على من تقع مسؤولية التبلد العام والعابر للقارات حيال الموت المفجع في سوريا؟؟

هل هي الطبيعة البشرية التي تستكين لدى تعودها على شأن ما حتى لو كان القتل في أبشع صوره أم هو عجز سياسي وإعلامي مشترك عن إبقاء قضية السوريين حية ويريد الهرب إلى الأمام وعدم رؤية النزف الحاصل على مدار الثانية.

ها نحن نستقبل عاما جديدا من الحدث السوري مصورا، فهل سنواصل إشاحة بصرنا عنه.

diana@ asharqalawsat.com