خطط لحياتك ولو عن بعد!

TT

لم يعلم عالم الرياضيات الإنجليزي تشارلز دودغسون أن روايته «أليس في بلاد العجائب» التي كتبها في نهاية القرن الـ18 باسم مستعار خشية تندر الناس منه قد شخصت حالة الناس لعقود متتالية. وذلك حينما ذكر قصة (أليس) الخيالية التي سقطت في جحر أرنب فتاهت به إلى بلاد العجائب. حيث سألت قطة رأتها صدفة: أي طريق يمكنني أن أسلك؟ فقالت القطة: هذا الأمر يعتمد على وجهتك المقصودة. فقالت أليس: لا أعلم. فردت القطة: إذن لا يهم أي طريق ستسلكينه!

هذه القصة تصور لنا حال الكثير من الناس ممن يدخل عليهم العام الجديد وهم لا يعلمون إلى أي وجهة هم ذاهبون. مثل من يستقل سيارته فيدور فيها ثم ينتهي به النهار وهو لم يبلغ وجهته لأنه لم يحدد هدفه أو مقصده.

تذكرت هذه القصة أول من أمس وأنا أتابع باستمتاع عبر البث المباشر الذي دعاني إليه المستشار الكويتي دكتور محمد بوزبر. حيث كان يدرب عبر الإنترنت مشاركين من دول عربية مختلفة (كل جالس في بلده) كيفية وضع خطة عمل للعام الجديد باستخدام نموذج «فايفر». وكان التفاعل بالأسئلة عبر مجموعة اتصال «واتس أب» الهاتفية سلسا يتابعها المحاضر طوال الدورة وهو واقف في القاعة منفردا أمام الكاميرا. ونجح الدكتور المتخصص في التدريب الإداري لأكثر من 25 عاما في تقديم دورة تدريبية متكاملة وممتعة أكدت أن نقل المهارات عن بعد أمر ممكن. واللافت أن الدورة كان فيها جداول رياضية مبسطة وتمارين كثيرة لكنها نالت تفاعل الحضور واستحسانهم لأن فريقه التقني المميز نجح في تهيأت المشاركين لتفاصيل الدورة قبل لحظة الانطلاق.

والتخطيط الاستراتيجي الشخصي ليس كلاما إنشائيا، كما يظن البعض، بل له قواعد وخطوات يمكن تطبيقها مثل آلية محددة لتحديد قيمنا بالحياة تنبعث منها رؤيتنا ورسالتنا ثم أدوارنا بالحياة وأهدافنا. بعدها مؤشرات موضوعية نقيس بها مدى نجاح الخطة. وقد تطرقت في مقالات سابقة مثل «كيف تخطط للعام الجديد؟» و«أهم 15 دقيقة في يومك» إلى جانب من أهمية التخطيط الاستراتيجي الشخصي وكيفيته.

ويبدو أن هناك توجها ملحوظا نحو وسائل التعلم عن بعد فقد أنشأت جامعة الكويت، مثلا، مركزا للتعلم عن بعد وصارت كبريات الشركات التدريبية العالمية توفر هذه الخدمة خصوصا لبعض الموضوعات التي يمكن تعلمها بواسطة الإنترنت مثل المهارات الشخصية soft skils. فلم يعد هناك عذر لمن يشتكي بعد مقر إقامته أو ضعف وضعه المادي لأنه صار بالإمكان تعلم شيء جديد ولو عن بعد.