مبارك «الطيب» يعود للدراما

TT

لا يمكن أن تنعزل الدراما والغناء والثقافة عما نحياه، وهكذا أتصور الحالة الإبداعية في 2014، صحيح أن الضباب الذي لا يزال كثيفا يسيطر على المشهد العام، إلا أن هناك، ولا شك، ثوابت من الممكن أن نستند إليها، خاصة أن بعضها رأينا إرهاصاته في 2013، وبات قادرا على أن يعلن نفسه بوضوح وبلا أدنى مواربة في المقبل من الأيام.

لو ضربنا مثلا بحالة الإبداع الدرامي التي تعبّر في بلادنا عادة عن آراء النجوم المسيطرين على مقدرات العمل الفني، فما الذي نتوقعه سوى هذا التيار المقبل من مسلسلات وأفلام لن تكتفي بفضح «الإخوان»، الذين أرادوا أن يحولوا مصر إلى مجرد ولاية في مشروعهم الممتد جغرافيا في العالم أجمع، ترقبوا الخطة رقم «2»، التي ستتدثر هذه المرة بأنها تلبي طلبات الجماهير لنرى صورة مبارك الطيب الذي تعرض لظلم بيّن، ولن يمس أحد العائلة أو الحاشية بسوء درامي!

هل تابعتم لقاء عادل إمام في رأس السنة، عبر قناة «الحياة»، في حواره مع أشرف عبد الباقي؟ كان عادل واضحا ومباشرا في دفاعه عن حسني مبارك ووصفه بالبطل المظلوم الذي منح الوطن الكثير ولم يحصل سوى على النكران، عادل نموذج صارخ للنجوم في عالمنا العربي؛ عندما يقتربون من السلطة ويصبحون مع الزمن صوتا لها، يدافعون عنها بالحق والباطل، وكان كذلك طوال زمن مبارك، وفي بداية ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، لم يتصور أنها سوف تطيح به، ولهذا استمر في الأيام الأولى مدافعا عنه بشراسة، ولكن بعد سقوطه تنكّر لكل مواقفه السابقة، على الرغم من أنه كان صاحب الصوت الأعلى للدفاع عن توريث الحكم لجمال، ومع بداية حكم «الإخوان» ظل أيضا قابعا يخشي السلطة المقبلة، بينما ثار عدد من الفنانين مبكرا وأنشأوا جبهة أطلقوا عليها «الدفاع عن حرية الإبداع»، كان عادل قد أعلن أنه لن ينضم إلى أي تجمع، وكان حريصا على أن لا يغضب السلطة الإخوانية، بل قال عقب لقاء مرسي في مثل هذه الأيام من العام الماضي مع عدد من المثقفين إنه شعر بارتياح، ومع تغير الحال، وبعد أن أصيب أغلب المصريين بإحباط من حكم «الإخوان» تغير المؤشر، أغلب نجومنا ضبطوا موجاتهم الإبداعية على التردد الجديد.

كل المشاريع الدرامية التي كانت ستُنتقد زمن مبارك توقفت تماما، ليس فقط لأن هذه هي رغبة النجوم، ولكن لأن الناس (أتحدث عن الأغلبية بالطبع) صارت تسأل: ما الذي جنيناه منها (أقصد الثورة)؟! الناس في العادة تُطل على الماضي بعيون ليست محايدة، اللحظة الراهنة تسيطر عليهم، الغضب من مبارك ستتضاءل حدته بالضرورة، ليس لأنه لا يستحق الغضب، ولكن لأن ممارسات «الإخوان» بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) ولجوءهم للعنف في الشارع سحبت ما تبقى لهم من رصيدهم، الدراما هي الوجه الناعم للصراع على الأرض، هناك من سيلعبها مباشرة على طريقة أغنية على الحجار «إحنا شعب وانتوا شعب»، وهناك من سيخفف درجة الحدة، ليفتح الباب (أو على الأقل يجعله مواربا) لمن يريد العودة إلى صف الأغلبية، شيطنة فصيل كامل من المصريين ستظل بالتأكيد سلاحا له عواقبه الوخيمة على سلامة المجتمع، ولكن هل الناس الذين تابعوا النجوم وهم ينافقون مبارك عندما كان في الحكم ثم يلعنونه بعد 25 يناير، ثم يحنون إلى أيامه بعد 30 يونيو، سيظلون يصدقون هؤلاء النجوم؟! التجربة أثبتت أن رصيد بعض النجوم يشفع لهم عند جماهيرهم، وتلك قصة أخرى!