أين غضب اليسار على خفض إعانات البطالة؟

TT

أين ذهب كل الديمقراطيين، ولم يستغلوا أفضل هدية يمكن أن تصل إلى أيديهم، عندما تخلى الجمهوريون عن 1.3 مليون عاطل أميركي في ذلك البرد القارس ويستعدون لخفض 3.6 مليون آخرين عاطلين عن العمل؟ ففي وقت لا تزال فيه معدلات البطالة طويلة الأجل قريبة من أعلى معدلاتها منذ الكساد الكبير ووجود ثلاثة باحثين عن العمل لكل وظيفة شاغرة - يبدو ذلك قاسيا إلى حد بعيد.

وتأتي على رأس ذلك قائمة طويلة من الإشارات المشابهة، من التضييق على الأطفال الفقراء قبل المدرسة، بخفض مساعدات التغذية للنساء الحوامل والأطفال ورفض زيادة الحد الأدنى للرواتب التي فقدت ستة في المائة من قوتها الشرائية خلال السنوات الأربع الماضية. وقد سعى الجمهوريون في الكونغرس خلال العام الماضي إلى خفض إعانات كوبونات الغذاء بنحو 40 مليار دولار، لكن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ربما يقنعونهم بخفض تسعة مليارات دولار فقط.

لا ينبغي أن تكون هيوي لونغ كي تدرك أن هناك بداية لغضب شعبي هناك، فالأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا، والجمهوريون يبدون سعداء باتساع هذا الانقسام.

لكن خلال الساعتين اللتين قضاهما مجلس الشيوخ يناقش فيهما تأمين البطالة بعد ظهيرة يوم الاثنين، لم يتصد للحديث فيهما سوى ثلاثة ديمقراطيين، هم هاري ريد زعيم الأغلبية الذي قرأ باختصار كلمة شبه غاضبة، وباتريك ليهي الذي ألقى بعض الكلمات بشأن الهجرة، وجاك ريد الذي قدم محاضرة استغرقت 20 دقيقة دعما لتمديد إعانات البطالة، ثم دخلت القاعة في فترة من الصمت خلال الساعة والعشرين دقيقة التالية، لأن أحدا آخر لم يبد رغبة في الحديث. سوف يتحدث الرئيس أوباما في هذه القضية يوم الثلاثاء، ولكن إذا كان لدى الديمقراطيين بعض المنطق، فلن يبدوا رغبة في الحديث عن أي شيء آخر إلى أن يدفعوا الجمهوريين لدعم إعانات البطالة.

كان الراحل تيد كيندي، أو حتى بول ولستون، سيخوضان الحرب ضد الجمهوريين وهم في قمة الفرح. ولكن، لا يوجد أسد ليبرالي كي يزأر مطالبا بذلك. فهل تتمكن السيناتورة الجديدة في الكونغرس إليزابيث وارن (الديمقراطية) من ذلك؟ ربما.. لكنها قد لا تستطيع. وهل يكون السيناتور بيرني ساندرز؟ لا، فهو رجل كثير الإلحاح. أم السيناتور توم هاركين؟ لا فهو يوشك على التقاعد. ربما كان السيناتور ديك دوربين هو من يطلق صيحة الغضب هذه، لكنه كان ضحية لتأخير السفر الذي أدى إلى تأجيل التصويت في مجلس الشيوخ مساء يوم الاثنين في تمديد لمدة ثلاثة أشهر وحتى صباح الثلاثاء.

طرح هذه القضية لم يكن بالأمر الشائك، فمعدل البطالة للعاطلين عن العمل على المدى الطويل - المتضررين من هذه التخفيضات - 2.6 في المائة، وهو ضعف المستوى الذي كان عليه عندما جرى تمديد الإعانات بعد كل حالات الركود السابقة التي تعود إلى أكثر من نصف قرن. ويصل متوسط الإعانات إلى 300 دولار فقط في الأسبوع، أي نحو ثلث الأجور المفقودة للعامل، ويأتي المستفيدون من جميع الطبقات والأعراق. وغالبية هذه الحالات عاطلون عن العمل من دون خطأ ارتكبوه، ولم تكن هناك مساعدة من واشنطن لهذا النوع من التدريب، الذي من شأنه الحد من البطالة على المدى الطويل.

جدير بالذكر أنه بعد فترات الركود السابقة، لم يكن هناك نوع مماثل من الحماس الآيديولوجي لتقليص الحكومة. فقد قام الجمهوريون تحت ضغط من الجماعات المحافظة بمعارضة تمديد 6.5 مليار دولار، فوصفت مؤسسة «هيرتدج أكشن»، على سبيل المثال، شريان الحياة هذا للعاطلين عن العمل بأنه «برنامج غير فعال وإسراف» لا يمكن تحمله «حتى وإن كانت هناك محاولة من المشرعين لتعويض هذا الإنفاق بتخفيضات حقيقية». يقف خصوم الديمقراطيين الآن في منطقة خطرة رغم خلو مجلس الشيوخ بعد ظهر الاثنين الماضي.

فبدأ ريد النقاش بوصف التوقف في برنامج الإعانات بأنه «شائن» و«غير معقول»، ولكن كان خطابه أقرب إلى الخطب الاقتصادية منها إلى الحجة الأخلاقية. وأكد ريد أن «كل دولار ننفقه في إعانات التأمين ضد البطالة يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.50 دولار».

وبعد ساعتين من «النقاش» حول البطالة (40 دقيقة فقط هي التي شهدت مشاركات فعلية)، انتقل أعضاء مجلس الشيوخ إلى مناقشة قضايا أخرى. وقبل بضعة منهم مناقشة ترشيح جانيت يلين لتكون رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الجديد. وتحدث ميرفي عن السيطرة على السلاح. كما حاول السيناتور جيم إنهوف القول بأن موجة البرد الأخيرة تدحض نظريات الاحتباس الحراري.

كان الجمهوري الوحيد الذي أيد توسيع نطاق إعانات البطالة دين هيلر، الذي ينتمي أيضا إلى نيفادا، مثل ريد الذي قال: «يجب أن تكون مساعدة المحتاجين خالية من أي عوالق حزبية».

وسيندم زملاؤه الجمهوريون على جعل القضية قضية حزبية إذا استطاع الديمقراطيون انتهاز هذه الفرصة.

* خدمة «واشنطن بوست»