التوتة المعطوبة.. لمن؟!

TT

قبل ساعات قليلة من توزيع جوائز الأوسكار تجري مراسم توزيع جائزة «التوتة الذهبية»، والصحيح أن نقول التوتة المعطوبة، كما تطلق عليها الصحافة، فهي جائزة «الأسوأ» المعروفة باسم «راتسيز»، والتي أنشئت منذ 33 سنة، ويشارك بالتصويت في الاختيار أكثر من 600 صحافي وهاوي سينما داخل وخارج أميركا، هذا العام ترددت أسماء «جوني ديب وهالي بيري ونعومي واتس»، وطوال تاريخ الجائزة كثيرا ما يحصل عليها المشاهير مثل باريس هيلتون وبيرس بروسنان وكيفن كوستنر وسيلفستر ستالوني وجيم كاري ومادونا وساندرا بولوك التي كان نصيبها في عام 2010 جائزة التوتة عن فيلم «كل شيء عن ستيف»، وبعدها بأربع وعشرين ساعة فقط كانت تحتضن الأوسكار عن فيلم «الجانب المظلم»، وقالت معقبة إن «على الفنان أن يتقبل التقدير في الحالتين».

قليل من النجوم فعلها وتسلم التوتة مثل بن أفليك وهالي بيري، أغلب النجوم يعتذرون عن حضور الحفل، في العادة لا يصرح النجوم بتشكيكهم في هذه الجوائز ولا يتهمون القائمين عليها بالتواطؤ، وشروط الحصول عليها أن يكون النجم له مشوار عريض، وفي نفس الوقت يخون الجمهور ببطولة عمل فني متواضع.

الجمهور الغربي لا ينتظر التوتة؛ فلقد تعود أن يقصف الخائبين من نجومه على المسرح بالبيض والطماطم والتورتة، بالطبع جمهورنا يستخسر فيهم الآن البيض والطماطم، أما التورتة فإنه يفضل التهامها منفردا.

افرض مثلا.. مثلا يعني، أننا قررنا في مصر أو في أي دولة عربية منح جائزة «الأسوأ»، فما الذي سوف يحدث؟ في مهرجان الإسكندرية السينمائي قبل عشرين سنة أقيمت لأول مرة مسابقة لاختيار الأسوأ، وكانت تلك جوائز تسرق الأضواء من جوائز المهرجان الأساسية؛ لأنها دائما الأصدق، رغم أنها كانت تخشى الاقتراب من النجوم الكبار، وهكذا كانت تمنح لأسماء لم تصل إلى مصاف «السوبر ستار» مثل أحمد بدير وسمير غانم ودلال عبد العزيز ويونس شلبي.. استبدل مهرجان الإسكندرية تلك المسابقة في سنواته الأخيرة حتى يضمن حضور النجوم بإقامة حفل في الختام توزع فيه الجوائز على أفضل الفنانين، لم تعد مسابقة الأسوأ يقيمها أحد في أي مجال فني رغم أننا في أشد الاحتياج إليها في ظل مولد الجوائز التي تعلنها الجمعيات والمهرجانات الفنية، حيث نجد من لا يستحق يحتضن جائزة أو أكثر.

لماذا لا نفكر في إقامة مسابقة أخرى موازية للأسوأ؟ توزع التوت المعطوب على صناع أردأ الأنواع في السينما والمسرح والغناء.. أنا أعلم بالطبع أن المشكلة التي سوف تواجه القائمين على هذه المسابقة هي أن حبات التوت المعطوب المتوفرة في الأسواق لا تكفي!

هل لدينا بالفعل نجوم يعترفون بسقطاتهم الفنية؟ الحقيقة أنني لم أصادف في حياتي المهنية إلا عددا محدودا جدا لديهم القدرة على أن ينظروا إلى أعمالهم الفنية برؤية محايدة.. الراحل فريد شوقي كان كثيرا ما يتورط في بطولة أفلام متواضعة يريد صناعها الصعود على أكتافه واسمه وتاريخه، ويعلن ندمه ويغفر له الجمهور والنقاد هذا الخطأ، ثم يكررها ويتكرر أيضا السماح، ورغم ذلك فإنه في آخر استفتاء أقامه مهرجان «دبي» في نهاية العام الماضي لأفضل 100 فيلم عربي، احتل فريد شوقي المركز الأول كأفضل نجم عربي في التاريخ.

الفنان في مشواره يتأرجح عادة على طريقة أغنية عدوية الشهيرة «حبه فوق وحبه تحت»، مثلما حدث مع ساندرا بولوك، وإن كانت هذا العام رشحت للأوسكار بفيلم «غرافيتي»، بينما لم يتردد اسمها في ترشيحات «التوتة» 2014.