اصطياد الضباط في مصر.. ولبنان

TT

قبل أيام اغتيل اللواء محمد السعيد، رئيس المكتب الفني بوزارة الداخلية المصرية، وأحد كبار ضباط أمن الدولة سابقا كما بينت سيرته.

اغتيل الرجل البعيد عن الأضواء برصاص محترفين أصاب رقبته ورأسه، القتلة كانوا على متن دراجة نارية، قتلة يتمتعون باحترافية عالية، قد تكون مستوردة من خارج مصر. قبل اللواء السعيد قتل العقيد محمد مبروك المتخصص في ملف الإخوان، وبطل التحريات والمعلومات الغزيرة في ملف «الهروب الكبير» من سجن وادي النطرون، والتخابر مع حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني، قبل سقوط نظام مبارك، وهي القضية التي يحاكم عليها الآن محمد مرسي ومرشد الإخوان وبقية القيادات، الحاضرة في مصر، وأضعافهم غيابيا من فلسطينيين ولبنانيين. الجامع بين اللواء السعيد والعقيد مبروك هو امتلاكهما للمعلومات المدينة والكاشفة، والمستفيد من اغتيالهما وله «ثأر» معهما هم: الإخوان والجماعات الإرهابية.

حزب الله المدان في قضية الهروب الكبير في مصر، وانتهاك حدود مصر في نهاية يناير (كانون الثاني) 2011، له قضية تشبه هذه في لبنان، فكلنا نعلم أن الحزب الخميني اللبناني هو المتهم الأول في قضية اغتيل فيها لواء ونقيب، كل ذنبهما أنهما قاما بعملهما الأمني على ما يرام، وتحصلا على المعلومات التي تدين القتلة في لبنان.

اللواء وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات في الأمن الداخلي اللبناني، قتل بسيارة مفخخة فجرت بالرجل في منطقة الأشرفية ببيروت 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2012. وقبله اغتيل النقيب وسام عيد (يناير 2008) أيضا بطل التحريات والمعلومات التي استفاد منها المحققون الدوليون والمحكمة في قضية اغتيال الحريري ورفاقه.

النقيب عيد وصل إلى وكر القتلة المظلم، ونفض عنهم الغبار، وأزاح الأغطية، فقرروا التخلص منه، وكان ذلك، لكن لم يتخلصوا من معلوماته! وسام عيد قالت عنه مجلة (دير شبيغل) الألمانية إن الفضل يعود له في كشف خيوط قضية الحريري والمجموعة الإرهابية التابعة لحزب الله التي نفذت الاغتيالات، وإن ذلك سبب اغتيال عيد لاحقا. إذن فأسلوب القتل واحد، وطبيعة المستهدفين متطابقة: ضباط همهم تحصيل المعلومات عن التنظيمات الإرهابية.

الحق أن رجال الأمن المحترفين في جمع المعلومات، وبناء شبكة من المعلومات الأمنية المدعمة بالبراهين، عن هذه الجماعات، هم خط الدفاع الأول في مكافحة هذا الوباء الأصولي الإرهابي الذي يجتاح العالم العربي.

الخطير، كما في كلام الخبير الأمني المصري اللواء فؤاد علام، حول اغتيال اللواء السعيد وقبله العقيد مبروك، قرب منازلهم، هو التخوف من وجود «اختراق ما» في بعض الدوائر الأمنية نفسها! من المهم أن تظل العيون مفتوحة بانتباه شديد، وأن ندرك، بوضوح ومباشرة، أننا في حالة حرب مع هذه الجماعات، والحرب أولها كلام.. كما قال نصر بن سيار، حين فات وقت القول!