لم يكن عميدا.. كان كبيرا

TT

تعرض طه حسين للنقد ممن سماهم «بعض الأدباء الشباب» فقال إن الذين يمدحونه لا يعرفون ما فيه من عيوب، والذين يهاجمونه لا يعرفون عن نقائصه ما يكفي. وقال «لم أعتقد قط أنني كاتب مجيد، ولم أصدق قط أنني أديب ممتاز، ولم أفهم قط هذا اللقب الذي أهدي إلى فجأة، ومن غير وجه، وعلى غير تواطؤ، من الذين أهدوه إلي، فسموني عميد الأدب العربي».

وقال إن الأزهريين يرفضون اعتباره أزهريا، وغير الأزهريين يصرون على أنه أزهري. والأكاديميون يرفضون اعتباره أكاديميا، وغير الأكاديميين يصرون على اعتباره أكاديميا. وقال إن الجامعيين رفضوا مؤلفاته الجامعية والأدباء رفضوا مؤلفاته الأدبية. وكان رده أنه لا يريد أن يفرض نفسه على أحد، «فأنا لم أرض عن نفسي في يوم من الأيام، ولم أعرفها قط، وإنما سخطت عليها دائما وأنكرتها».

وقيل فيه إنه لا يجيد كتابة القصة، فقال هذا صحيح لأنني لم أتعلم ذلك. بربكم علموني. وقال بعضهم إنه عقبة في درب كتابة القصة، فقال «لست أعرف من أين تأتي هذه العقبة ولا كيف تكون». وذكر أن أديبا فرنسيا ترجم قصة ليوسف السباعي ثم طلب منه أن ينصحه بأعمال أخرى تستحق الترجمة، فأشار عليه بأعمال نجيب محفوظ. وكان سلامة موسى قد قال في تلك المرحلة إن الأدب المصري المعاصر لا يستحق البقاء، وأنه لا يرى كتابا واحدا يمكن أن يقرأ بعد عشر سنين.

وقال العميد إن أحكام موسى سلامة ضرب من العبث. ولم تزعج طه حسين الخصومات «فهي قوام الأدب. الخصومة بين الأجيال القديمة والحديثة، والخصومة بين الأدباء الذين يعيشون في جيل واحد. وأكاد أقول إن الخصومة قوام الحياة».

ورأى في الخصومة التي قامت بين عباس محمود العقاد وإبراهيم المازني وشوقي أمير الشعراء، ثروة أدبية. وقال إن نقد المازني والعقاد لشوقي تحول إلى دروس في تحديث الشعر: «فالعقاد والمازني لم يهدما شوقي ولم يغضا من قدره وإنما وضعاه في التاريخ الأدبي حيث يجب أن يكون».

وطالما خاصم طه حسين العقاد وانتقده، لكنه طالما قال عنه إنه كاتب وشاعر عظيم. وخاصم – وخاصموه – المازني ومحمد حسين هيكل، لكن الصداقة الشخصية بقيت على ما هي. وكذلك خصومته مع توفيق الحكيم. وكان يقول إن جرير والأخطل والفرزدق أمضوا أعمارهم في هجاء بعضهم البعض، وبذلك أغنوا الشعر العربي إغناء عظيما. «وما دمت والعقاد نكتب فالخصومة بيننا ممكنة. ولكنا قوم نعرف كيف نختصم دون أن تفسد الخصومة رأي أحد منا في صاحبه».