کارثة الجهل المقدّس

TT

الجهل المقدس مثّل مصطلحا کنت قد طرحته في کتاب حمل هذا العنوان نفسه. ولكن ما حدث الوم للعالم الإسلامي دفعني إلى أن أؤکد عل هذا المصطلح أکثر من ذي قبل. فالأوضاع المؤسفة والرهبة التي تواجهها البلدان الإسلامة الوم وتعاني منها، هي رد فعل لهذا النوع من الجهل. فنحن نسمع کلّ وم أخبارا محزنة من أفغانستان والعراق وسورا، والانفجارات الوحشة وعملات القتل التي تحدث وتتسبب في نكبة الكثر من الأسر ما هي إلا نتجة هذا النوع من الجهل. والجهل المقدّس مكن أن تجلّ في أشكال مختلفة، فلقد تسبب بالعدد من المآسي عل مرّ التارخ.

ولعلّ بإمكاننا أن نر منطلق مثل هذا الجهل في مصر «جوردانو برونو» والذي استعرت مصطلح الجهل المقدّس منه. علما أن الفلسوف الإطالي برونو جرى إحراقه حّا في ساحة فوري في مدنة روما بعد أن أمض ثماني سنوات في مطامر محاکم التفتش الرهبة في القرون الوسط.

وقبل أن حرق جوردانو في النار، قام جلادو الباب بقطع لسانه کي منعوه من التفوّه بما کانت محكمة التفتش تراه کفرا. وقد کان ذلك مصر معظم الفلاسفة والعلماء في عصر تفتش معتقدات الكنسة الكاثولكة.

وقد قل إن برونو عندما ربطوه بقضب من الحدد وجمعوا الحطب لإحراقه، کان صامتا مستسلما من دون أن نبس ببنت شفة؛ ولكن حدث ما دفعه إلى أن نطق بعبارة خلّدها التارخ، وکانت تلك الحادثة أن الناس رأوا امرأة عجوزا عل حن غرّة وهي تحمل قطعة من الحطب، ثم ألقتها في النار بعد أن نطقت باسم الله، فما کان من برونو إلا أن خرج من صمته، فلقد بدا أن عمل تلك العجوز آلمه حتى نخاع عظامه حتى صرخ قائلا: «اللعنة عل هذا الجهل المقدّس!».

وعلنا القول هنا الجهل المقدّس قترن مع العقائد الدنة؛ ولکن الدن الذي ؤمن به الإنسان عل أساس أهوائه النفسة لا العقل، فإذا به رتكب أفظع الجرائم في حن أنه تصوّر أنها لله وأنّها تقرّبه منه. ومن الآفات الاجتماعة التي أمل إل أن أسمّها کارثة مؤسفة للمجتمعات الدنة الراهنة، الجهل المقدّس؛ الجهل الذي رتكب أبطاله أبشع الجرائم متصوّرن أنهم فعلون ما طلبه الله وأنهم جاهدون من أجل الله.

وأنا أر أن الجهل المقدّس هو أهم الآفات الاجتماعة أو من أهمها عل الأقل لا في المنطقة الإسلامة وحسب بل في جمع أرجاء العالم، وتعاني المجتمعات الدنة منها.

وقد وردت الإشارة في القرآن أيضا إلى الجهل. وأنواع الجهل التي يواجهها القرآن هي من نوع الجهل المقدس. حيث يتعامل الشخص الجاهل في الجهل المقدس مع مفهوم يسمى «الاعتقاد»، أي يحل الاعتقاد بالنسبة إلى هذا الإنسان محل التفكير. والاعتقاد مشتق من «العقد» أي الربط؛ فالشخص الذي يعتقد بأمر ما يربط فكره ويتخذ من معتقداته خطا أحمر.

* أستاذ في كلية الحقوق بجامعة الشهید بهشتي ورئیس قسم الدراسات الإسلامیة في المجمع العلمي الإيراني للعلوم