الحقينا.. أنقذينا.. يا بوكوفا!

TT

بين ليلة وضحاها رسم هؤلاء العاجزون عن العمل والإبداع من منظمة اليونيسكو أمُّا راعية وحامية للآثار والمتاحف المصرية.. وبدلا من ذر التراب على الوجوه نراهم يهللون لتبرع المنظمة بمائة ألف دولار لترميم مبنى المتحف الإسلامي بالقاهرة وكنوزه التي أضيرت جراء التفجير الإرهابي لمديرية أمن القاهرة وتسبب في تدمير 74 أثرا لا تقدر بمال. لا بد من وقفة وإظهار عدد من الحقائق لكي نواجه أخطاءنا بشجاعة بدل من التزييف وطمس الحقائق: أولا، اليونيسكو ومنذ يوم إنشائها لم تنقذ أثرا واحدا مهددا بدليل المساجد الهندية الأثرية التي دمرها الهندوس المتعصبون بدعوى أنها بنيت على أطلال معابد هندوسية، وكانت النتيجة قيام طالبان بتدمير تمثالي بوذا الأثريين بمنطقة داميان ردا على اعتداءات الهندوس وفى الحالتين كانت الآثار هي الضحية.. ووقفت اليونيسكو عاجزة عن فعل شيء غير الشجب. ثانيا، نهبت آثار متحف بغداد القومي – وهو واحد من أعظم المتاحف في العالم كله؛ يضم كنوز حضارة العراق القديم والتي لا مثيل لها في أي متحف بالعالم وكان المطلوب طمس حضارة العراق ولذلك شهد العالم كله على الهواء نهب المتحف وضياع 15 ألف تحفة أثرية لا تقدر بثمن؛ فماذا كان رد فعل اليونيسكو لا شيء سوى أنها كانت تشاهد وترقب وتشجب فقط لا غير. ثالثا، لا يستطيع خبير كائنا من كان أن يقول لنا على وجه التحديد حجم ما تم تدميره من التراث السوري فالكارثة أكبر من أن تدرك، وأين اليونيسكو مما يحدث بسوريا؟ وأين خبراؤها ومستشاروها؟ لا حس ولا خبر كما نقول في مصر!

لم تشتهر اليونيسكو ويعرف لها اسم سوى بعد الحملة التي أشركتها مصر بها لإنقاذ آثار ما خلف السد العالي والتي كانت مهددة بالغرق بعد إنشاء السد العالي، وكانت هذه الملحمة التي قادها الراحل العظيم ثروت عكاشة هي سبب شهرة اليونيسكو؛ والتي نسبت لنفسها على غير الحقيقة أمجادا ومجهودات لم تفعلها مما جعل الراحل الدكتور ثروت عكاشة يقوم بنشر القصة الكاملة وراء إنقاذ معبدي أبو سمبل وحملة اليونيسكو المزعومة في كتاب قمت بنفسي بنشره من خلال مطابع المجلس الأعلى للآثار ليكون شاهدا على العصر. ومن المحزن أن المسؤولين عن الآثار في مصر يلهثون وراء المنظمة العاجزة وكأنها طوق النجاة لهم من قلة حيلتهم في مواجهة التهديدات التي تواجه التراث الأثري المصري. فإذا تخيلنا أن هؤلاء هم المسؤولون عن حماية تراثنا وأن اعتمادهم الكلي على منظمة مثل اليونيسكو ظهر لنا حجم الكارثة التي يواجهها التراث الأثري المصري.

عندما يكون لدى مصر أهرامات الجيزة وأبو الهول ومعابد الكرنك والأقصر وتطلب تلقى تبرعات لترميم متحف فهناك شيء ما خطأ! عندما يكون لدينا المتحف المصري وبه كنوز توت عنخ آمون ومومياوات الفراعنة ونحس الناس على التبرع للآثار فهناك مشكلة! عندما يكون لدينا جامع عمرو بن العاص وجامع ابن طولون وجامع الحاكم ومجموعة ابن برقوق ومسجد السلطان حسن وقلعة صلاح الدين وشارع المعز بمساجده وخنقاواته وأسبلته ومنازله الأثرية وتكاياه (جمع تكية) وبيمارستاناته وبعدها نمد أيدينا لليونيسكو لكي تعطينا مائة ألف دولار فهناك بالطبع أزمة! أزمة في إدارة التراث المصري.. عار.. عار أن يكون لدينا كل هذه الكنوز ونهلل الحقينا يا بوكوفا! وإرينا بوكوفا هي رئيسة منظمة اليونيسكو.