هل يمكن تغيير عاداتك بسرعة؟

TT

ربما لم يدر بخلد الروائي الكبير نجيب محفوظ أن مواظبته على عادة الكتابة بجدول صارم لمدة 4 أيام بالأسبوع من الرابعة حتى السابعة بأنها كانت خطوة سبق بها نتائج دراسة مهمة لجامعة بريطانية أظهرت لنا أخيرا أن الإنسان يمكن أن يكتسب عادة جديدة أو يتخلص من عادة سلبية إذا واظب على سلوك معين لمدة 66 يوما بصورة شبه متواصلة. والمقصود بالعادة هو السلوك الذي يفعله المرء تلقائيا ومن دون تفكير. وهذه العادة، مع الموهبة طبعا، هي ما قاد نجيب محفوظ إلى تأليف نحو 50 رواية وقصة في نصف قرن حتى نال جائزة نوبل للآداب كأول عربي في التاريخ يستحقها.

وقد وضعت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة كلية لندن[1] حدا للمعلومة المغلوطة الشائعة بين المدربين ومفادها أن تغيير العادات يحتاج إلى 21 يوما شريطة الاستمرارية. حيث كشف الدكتور «بن بادلر» من جامعة كلية لندن الذي يعمل بمركز الأبحاث الصحية في مقابلة إذاعية سمعتها بأنه حيرته هذه المعلومة التي «كبرت مثل كرة الثلج» ليكتشف بعد بحثه الموسع أن مطلقها هو جراح تجميل كتبها في كتاب له نشره عام 1960 لا يستند إلى أساس علمي وإنما مجرد «ملاحظة» عدد من مرضاه ومدى تكيفهم مع التغيير.

أما جامعة كلية لندن حسب قوله، وحسب ما قرأت في موقعها، فقد قامت بدراسة علمية أظهرت فيها أن عادات المشاركين بالدراسة تغيرت بمعدل 66 يوما فيما نجح آخرون بالوصول إلى مرادهم في مدة أقصر أو أطول قليلا. وما زال سبب هذا التفاوت يحير العلماء. أما عن طبيعة الدراسة المذكورة فطلب الباحثون من المتطوعين اختيار عادة واحدة يريدون اكتسابها شريطة أن يواظبوا عليها فاختار بعضهم تناول أكل صحي في ساعة محددة وآخرون ممارسة رياضة لمدة محددة وثابتة قبل وجبة العشاء واختار آخرون تناول الماء مع الوجبة بدلا من المشروبات الغازية وهكذا. ثم تبين للعلماء بالملاحظة وباختبارات يومية أن اكتساب بعض العادات الصعبة أو الثقيلة بطبيعتها مثل ممارسة الرياضة بانتظام تتطلب وقتا أطول مقارنة بعادات بسيطة مثل تناول مأكولات أو مشروبات صحية.

وأيا كانت مدة تغيير العادة تبقى ضرورة أن نحاول تغيير عاداتنا إلى الأفضل ليكون يومنا أفضل من أمسنا وهذا هو ديدن المتميزين. فبعض العادات السلبية لا بد أن تستبدل بأخرى إيجابية أو صحية، وأخرى يعد مجرد التوقف عنها إيقافا للهدر اليومي لأوقاتنا الثمينة، مثل التسمر أمام شاشات التلفاز لساعات من دون مبرر. والأسوأ أنه حتى ما نفكر به ربما يتحول إلى عادات عملية سلبية.

ولذا قيل: راقب كلماتك لأنها ستصبح أفكارا، وراقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالا، وراقب أفعالك لأنها ستصبح عادات، وراقب عاداتك لأنها ستصبح طباعا.

[email protected]