جمهورية فرنسا الإسلامية

TT

هذه التسمية ليست من عندي وإنما هي صرخة مدوية أطلقتها مؤسسة مسيحية أميركية تحذر فيها من تناقص نسبة السكان المسيحيين في العالم الغربي يقابله تزايد شديد لنسبة السكان المسلمين، وقد اعتمدت هذه المؤسسة الكنسية على نتائج لمراكز أبحاث متخصصة تدعم صرختها التحذيرية، تقول النظرية التي استهلت المؤسسة الكنسية تقريرها به: «بأن أي حضارة لا يمكن أن تدوم لأكثر من 25 عاما إذا لم يكن معدل تكاثرها السكاني أكثر من 2.11 في المائة، وهو ما لم تصل إليه كل الدول الغربية، فأعلاها فرنسا 1.8 في المائة، وأدناها إسبانيا 1.1 في المائة، وأي معدل أقل من 2.11 فهو يعني انحدارا في وجودها الحضاري والثقافي»، والنتيجة التي خلصت إليها الدراسات: «كلما تقلص عدد السكان تقلصت معه الحضارة وهوت نحو المنحدر».

والحقيقة التي أذهلت المؤسسة الكنسية هو ارتفاع معدل الزيادة للمسلمين في أوروبا الذي يبلغ في فرنسا 8.1 في المائة، مقابل 1.8 في المائة لبقية الفرنسيين مما ترتب عليه زيادة عدد المساجد في جنوب فرنسا على عدد الكنائس، وتبلغ نسبة الأطفال المسلمين إلى بقية الفرنسيين 20 في المائة وتصاعد هذا الرقم إلى 45 في المائة في مدن مثل نيس ومارسي وباريس، وعليه فسيكون من كل خمسة فرنسيين مسلم واحد بحلول عام 2025، مما يعني أنه بعد 39 عاما ستتحول فرنسا إلى «جمهورية فرنسا الإسلامية» كما تقول المؤسسة الكنسية في تحذيرها، وفي بريطانيا تصاعد عدد السكان المسلمين خلال 30 عاما من نحو 80 ألف مسلم إلى مليونين ونصف المليون، نحو 30 ضعفا، وفي هولندا 50 في المائة من المواليد مسلمون مما يعني أنه خلال 15 سنة سيصبح نصف سكان هولندا مسلمين، وكانت حكومة ألمانيا أول من تحدثت في هذا الموضوع علانية حين أصدرت تصريحا رسميا قالت فيه إن «النقص في التعداد السكاني لا يمكن الآن إيقافه فقد خرج الأمر عن السيطرة، وستكون ألمانيا دولة إسلامية بحلول عام 2050»، وفي أوروبا يبلغ عدد المسلمين نحو 52 مليونا، وسيصل هذا الرقم للضعف خلال 20 عاما فقط، مما يعني وصول عدد المسلمين إلى 104 ملايين، وتقول الكنيسة الكاثوليكية الأميركية بأن عدد المسلمين تجاوز الحدود، وأن الإسلام، وهو الدين الأكثر انتشارا في العالم، إذا حافظ على معدل انتشاره فإنه سيكون الدين المسيطر على كوكب الأرض.

وبغض النظر عن صدقية ودقة هذه الأرقام والإحصاءات التي ربما بالغت المؤسسة الكاثوليكية في بعضها لكن هذا لا ينفي مقاربة كثير منها للواقع، والذي يجب التنبيه إليه هنا هو ضرورة تعامل الأقليات المسلمة في الغرب مع هذه الإحصائيات بطريقة عقلانية متزنة لا التعامل معها بروح التشفي والسخرية، فليس ثمة ما يغذي شعبية اليمين المتطرف في أوروبا مثل التصريحات المتشنجة لبعض قيادات الجالية الإسلامية ومثقفيها وأئمة مراكزها الإسلامية، وعلى العكس من ذلك يجب أن تستثمر هذه الإحصائيات لتعزيز فكرة «توطين» الإسلام في بيئته الجديدة ودمج المسلمين دمجا لا يضر هويتهم ولا يمس ثوابت دينهم، ولعل التجربة الناجحة لـ«توطين» اليهودية واليهود في الدول الغربية جديرة بالنظر والدراسة والاعتبار.

[email protected]