بزوغ فجر جديد.. ولي العهد السعودي يزور باكستان

TT

ينتظر شعب وحكومة باكستان بكل شغف وتلهف زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إلى باكستان. وتعد زيارة أفراد من الأسرة المالكة في السعودية إلى باكستان من الأحداث البارزة الجديرة بالذكر والتي تظل محفورة في الذاكرة لعقود من الزمان. وما زالت زيارات الملك فيصل التي قام بها في سبعينات القرن الماضي محفورة في الأذهان ويتذكرها الجميع بولع شديد حتى وقتنا الحاضر. ودائما ما نجد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يُكِن حبا من نوع خاص لباكستان، حيث زارها في خمس مناسبات. وفي جميع هذه المناسبات أظهر الشعب الباكستاني مدى حبه لخادم الحرمين الشريفين، حينما احتشد الباكستانيون في الشوارع لكي ينظروا إليه ولو لنظرة خاطفة.

ومن المنتظر أن تكون زيارة الأمير سلمان - التي تستغرق ثلاثة أيام - بمثابة واحد من تلك الأحداث التاريخية، حيث يحظى بالكثير من الاحترام والتوقير في باكستان نظرا لمميزاته القيادية. وعلاوة على ذلك، يُنظر إلى الأمير سلمان على أنه واحد من أقوى المؤيدين لباكستان، كما تقدم الجمعية الخيرية - التي جرت تسميتها بنفس اسم زوجته الراحلة - الكثير من الخدمات التي يحتاجها الأشخاص في باكستان.

يفتخر الباكستانيون بعلاقتهم المتميزة مع المملكة العربية السعودية، وبالاعتماد على الأسس القوية للهوية الإسلامية والتجارب التاريخية المشتركة، وكذلك مشاركة نفس المفاهيم المتعلقة بالقضايا الوطنية والدولية، تزداد هذه العلاقات قوة يوما تلو الآخر.

ومن المقرر أن يعقد ولي العهد السعودي خلال تلك الزيارة اجتماعات مع القيادة الباكستانية، حيث سيلتقي الرئيس الباكستاني مأمون حسين ورئيس الوزراء نواز شريف. وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يلتقي ولي العهد الوزراء الباكستانيين والمسؤولين البارزين هناك أثناء هذه الزيارة.

لن ينسى الشعب الباكستاني على الإطلاق الطريقة التلقائية ومدى الجود والكرم الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، اللذان بذلا جهودا كبيرة لمساعدة باكستان عندما تعرضت لكوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضانات. وسنتذكر دائما أن السعودية كانت واحدة من الدول التي التزمت بالوفاء بتعهداتها لمساعدة باكستان في مبادرة «أصدقاء باكستان الديمقراطية».

وفي ظل القيادة الرشيدة للملك عبد الله، شهدت الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وباكستان مستوى عاليا للغاية من النجاح والإنجازات. وفي الوقت الراهن هناك قاعدة عريضة من العلاقة المؤسسية التي تشهد نجاحا كبيرا لا يضاهيه نجاح في كل مستوى من المستويات، سواء في ما يخص التقارب في وجهات النظر بين الشعبين الباكستاني والسعودي في ما يخص القضايا الدولية، أو الشراكة القوية على المستوى الاستراتيجي. تتفهم باكستان أن استقرار المملكة العربية السعودية وأمنها هو الضمان لتحقيق الاستقرار المرتبط بالطاقة الدولية والنظام الاقتصادي. وفضلا عن ذلك، فإن أمن واستقرار السعودية من أكثر الأمور المهمة لدى كل باكستاني في أي جزء من أنحاء العالم.

وخلال الأشهر القليلة المنصرمة، زاد التفاعل الثنائي بين الجانبين. وكان خادم الحرمين الشريفين من بين قادة العالم الذين اتصلوا هاتفيا برئيس الوزراء محمد نواز شريف لتهنئته بفوزه في الانتخابات التي عقدت في مايو (أيار) 2013. وفي هذا السياق، زار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف المملكة العربية السعودية في بداية شهر أغسطس (آب) 2013 لتأدية مناسك العمرة. وأثناء هذه الزيارة قام شريف بزيارة خادم الحرمين الشريفين والتقى ولي العهد. وعلاوة على ذلك، زار الرئيس الباكستاني مأمون حسين المملكة العربية السعودية في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2013 لأداء فريضة الحج، حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في 17 أكتوبر 2013. وفضلا عن ذلك، ترأس سردار آياز صادق، رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية، وفدا يتكون من 10 أعضاء برلمانيين لزيارة السعودية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، حيث جاءت تلك الزيارة تلبية لدعوة رئيس مجلس الشورى. وزار الجنرال راحيل شريف، رئيس أركان الجيش الباكستاني، المملكة العربية السعودية في أوائل شهر فبراير (شباط) الحالي، حيث التقى ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز.

ومن الجانب السعودي، نجد أيضا قيام المسؤولين السعوديين بعدد من الزيارات إلى باكستان.. حيث زار وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل باكستان في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وأعقبت تلك الزيارة زيارات أخرى إلى باكستان، حيث زارها نائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان ورئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتعد تلك الاتصالات الثنائية المتكررة مؤشرا على التعاون المشترك بين قيادتي البلدين.

وفي الواقع فإن القيادة الباكستانية متأثرة بشكل كبير بالطريقة التي يقود بها البلاد خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، فقد قامت الأسرة المالكة بوضع المملكة العربية السعودية على أرض صلبة وثابتة لتحقيق التقدم والإصلاح. وركز خادم الحرمين الشريفين على الأولويات الخاصة بالحق في التعليم وتطوير القطاع الاجتماعي وتمكين المرأة في إطار الإسلام. والآن، تحتل المملكة العربية السعودية مكانة عالمية في مجال البنية الأساسية. وفضلا عن ذلك، يشهد اقتصاد المملكة تحقيق تقدم، بينما تمر معظم الدول بحالة ركود أو تباطؤ في معدل النمو. وفي الوقت الذي تواجه فيه المنطقة بأسرها الكثير من التحديات، تنعم المملكة بالسلام والاستقرار.

أدركت الدولتان مدى ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما. وفي هذا الصدد، يترأس ولي العهد وفدا رفيع المستوى أثناء زيارته إلى باكستان، يضم كبار المديرين في مجال التجارة والاقتصاد والتخطيط بالمملكة. وبالإضافة إلى ذلك، يصطحب ولي العهد في تلك الزيارة وفدا تجاريا كبيرا يضم رجال أعمال بارزين، حيث ستُعقد اجتماعات مجلس الأعمال المشترك. ومن جانبهم، وضع المسؤولون الباكستانيون برنامجا رائعا وقاموا بترتيب اجتماعات مناسبة للوفد التجاري لتحقيق الاستفادة الكاملة من وجود هذه الشخصيات - الرائدة في مجال الصناعة والتجارة السعودي - في باكستان.

وخلال السنوات القليلة الماضية، حدثت تطورات ملحوظة في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وعلاوة على ذلك، قامت السلطات السعودية للغذاء والدواء بزيارة باكستان في شهر مارس (آذار) 2012. وزار توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة، إسلام آباد على رأس وفد كبير من رجال الأعمال في سبتمبر (أيلول) 2012، لحضور اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة. وفي السياق نفسه، زار وفد سعودي باكستان في مارس 2013 لحضور اجتماع لمتابعة اللجنة الوزارية المشتركة. وقام وفد عالي المستوى من الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني بزيارة إلى باكستان الأسبوع الماضي لاستعراض آفاق الاستثمار في قطاعات الأرز واللحوم في باكستان. وزار فريق آخر من الخبراء الفنيين بوزارة الزراعة السعودية باكستان مؤخرا لدراسة المعايير الصحية والبيطرية في قطاعات الدواجن والماشية وصناعة الألبان هناك.

وستؤدي الزيارة التي ينتظرها الجميع بشغف - زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى باكستان - إلى تحفيز العلاقات الثنائية والتعاون المستمر منذ عقود من الزمان بين البلدين، كما أنها تعتبر علامة على بزوغ فجر عصر جديد من التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين اللذين لديهما علاقة مثالية تحتذى.

نتمنى استمرار علاقة الصداقة الحميمة والوطيدة بين باكستان والمملكة العربية السعودية.

* سفير باكستان

لدى السعودية