في أميركا.. المجرمون يتفوقون على التقنية

TT

ما الذي يمنعنا من استخدام هذا النوع من التقنية؟ هكذا سألت النائبة الديمقراطية من ولاية مينيسوتا إيمي كلوبوشار في حيرة. كان ذلك ولجنة الكونغرس القضائية وضمنها كلوبوشار تعقد جلسة حول الاختراقات الأخيرة لتارغيت ونايمان ماركوس، التي سرقت فيها عشرات الملايين من البطاقات الائتمانية وبطاقات الحسابات البنكية. وتعرف التقنية التي تقصدها لوبوشار بالشريحة والرقم السري. ولا يعد سرا كبيرا من وجهة النظر الأمنية أن نظام الشريحة التي تحتوي على المعلومات الشخصية والرقم السري يفوق كثيرا نظام الشريط الممغنط، الذي يعد العمود الفقري لنظام البطاقات الائتمانية وبطاقات الحسابات البنكية في الولايات المتحدة. وتعلمت العصابات في شرق أوروبا كيف تخترق الكثير من أنظمة الكومبيوتر للشركات التجارية وتسرق بيانات البطاقات الائتمانية وبطاقات الحسابات البنكية في اللحظة التي تجري فيها المعاملة. ومن المستحيل تقريبا حدوث مثل تلك السرقات مع نظام الشريحة والرقم السري.

كما لا يعد خبرا أن معظم بقية دول العالم تبنت استخدام تقنية الشريحة والرقم السري، فحسب شركة بطاقات ماستر كارد فإن 97 في المائة من النهايات الطرفية للكومبيوتر التي تجري خلالها المعاملات في كندا وأميركا اللاتينية والكاريبي تعمل بنظام الشريحة، ويرتفع الرقم في أوروبا. لكن ولسبب يصعب تفسيره فإن هذه التقنية المتفوقة بوضوح لم تخترق الولايات المتحدة حتى الآن. أو قد لا يكون تفسير السبب بتلك الصعوبة. فإن حجر العثرة الرئيس على ما يبدو هو أن الشركات والبنوك أمضت وقتا طويلا وهي تلوم بعضها البعض على مشكلة سرقة البيانات المتزايدة - دون أن يكون لديها الوقت اللازم للقلق على الناس الذين سرقت بياناتهم وهم بالتحديد نحن.

يقول ديفيد روبرتسون ناشر تقرير نيلسون: «لماذا تصر الولايات المتحدة على الشريط الممغنط؟». قد لا يكون الأفضل للمستهلكين ولكنه كان «رخيصا وفاعلا» للبنوك والشركات. وفوق ذلك فإن البنوك والشركات لديها احتياطي معين من الاحتيال في نموذجها التجاري. وهكذا فبينما تسبب البطاقة التي تتعرض للقرصنة مشكلة كبيرة للعميل، فهي لا تعدو كونها تكلفة أخرى للقيام بالعمل بالنسبة للشركة أو الكيان الآخر الذي تتعلق به المعاملة.

وحتى مع اتجاه أوروبا وكندا نحو نظام الشريحة والرقم السري فإن البنوك الأميركية تحجم. وانخفض الاحتيال لدى نقاط البيع بدرجة كبيرة في الدول التي تطبق نظام الشريحة والرقم السري. وما زالت الولايات المتحدة تحجم. وكلما حدث دفع باتجاه تبني نظام الشريحة والرقم السري تقوم البنوك والشركات بعملياتها الحسابية وتصل لذات الخلاصة: «الأمر لا يستحق».

ومتى حاولت شركة تبني النظام؟ ذلك ما حاولته «تارغيت» نحو عام 2003 فقط لتكتشف أنه سيكون هناك ضياع للمال لحد كبير إن لم ينضم أحد آخر. وتدفع الحكومات في أوروبا وغيرها الشركات لتبني نظام الشريحة والرقم السري. وتحتاج البنوك والشركات في الولايات المتحدة إلى العمل سويا وإنفاق المليارات على صناعة بطاقات جديدة وتركيب نهايات طرفية جديدة تستطيع قراءة البطاقات الجديدة.

هناك شيئان قد يغيران المعادلة؛ الأول هو اختراق «تارغيت»، والذي حسب ما قال لي أحد الخبراء قد يكون أثر على بطاقة من كل عشر بطاقات في التداول في الولايات المتحدة. كثير من تلك البطاقات بطاقات حسابات، مما يعني أنه في حال استخدام البطاقة بواسطة محتال للشراء، فإن المبلغ يخصم من حساب العميل مباشرة. (تعهدت تارغيت بتعويض أي عميل تعرض لخسارة نتيجة للاختراق).و أوضح اختراق «تارغيت» الضربة التي يمكن أن تتعرض لها سمعة شركة عندما يخترق نظامها الإلكتروني. كما يكون لذلك آثار تجارية أيضا: كان الأسبوعان الأخيران من موسم أعياد الميلاد (الكريسماس) سيئين لتارغيت وتعد الدعاية السلبية من الاختراق ذنبا كبيرا.

ثانيا وضعت شركتا «فيزا» و«ماستر كارد» جداول زمنية تحاول عن طريقها تبني تقنية الشريحة المدمجة بحلول خريف 2015. وعلى الرغم من أن الجداول الزمنية غير إجبارية إلا أنها تحول مسؤولية خسائر البطاقات إلى الجانب الذي يكون له تقنية أمنية أقل، إما البنك أو الشركة. وعلى الرغم من أنه كانت هناك دعوات من جهات مختلفة لتأجيل التطبيق، إلا أن تلك الدعوات توقفت بمجرد حدوث اختراق تارغيت. ما لا يجب قوله هو أن البنوك والشركات متفقة الآن. فعندما تحدثت إلى عضو بجماعة ضغط للبنوك الأسبوع قبل الماضي قال لي إن المشكلة الحقيقية هي «ضعف في نظام الكومبيوتر الداخلي للشركات الكبيرة تعلم المجرمون المتطورون استغلاله»، بينما ترد الشركات بحسم أن البنوك ظلت تأتي دائما بأفكار ليس من ضمنها نظام الشريحة والرقم السري، ولم تصمد أي من تلك الأفكار لفترة طويلة قبل أن يتعلم بعض المجرمين كيفية اختراقها. الشيء الوحيد الغائب في هذه الحجج هو المستهلك.

*خدمة «واشنطن بوست»