شمس أبو سمبل تقهر الإرهاب

TT

برع المصريون القدماء في علوم الفلك واستطاعوا، ولأول مرة في التاريخ، أن يرصدوا حركة النجوم ويعرفوا أسرار السماء.. وتركوا لنا دليلا رائعا في أغلب المعابد المصرية؛ وفيها نرى الشمس تتعامد داخل المعبد في أوقات معينة لتؤكد مدى عبقرية هؤلاء العظماء القدماء.

وقد حدث في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن دخلت الشمس من مدخل معبد «رمسيس الثاني» إلى أبو سمبل لتضيء وجه «آمون رع» و«حور آختي» ثم الملك «رمسيس» نفسه، ولكن امتنعت الشمس عن إضاءة وجه «بتاح»، لأنه رمز العالم الآخر والظلام! هل يمكن أن يتمكن مهندس معماري من هذه القدرة العلمية الفائقة بالنسبة للزمان الذي عاش فيه وأدواته وإمكاناته العلمية؟! ولقد قام وزير السياحة هشام زعزوع هذا العام بالاتفاق مع محمد حجازي، سفير مصر لدى ألمانيا، على نقل هذا الحدث مباشرة، وعلى الهواء، إلى ألمانيا، ليشاهد العالم هذه المعجزة على أمل أن تعود السياحة إلى مصر مرة أخرى رغم أنف هؤلاء الذين يعطلون مسيرة السياحة، التي هي أحد أبواب رزق المصريين. واستطاع اللواء مصطفى يسري، محافظ أسوان، أن يستغل هذه الفرصة لكي يحتفل مع السائحين الموجودين، وأغلبهم من المجر من دارسي الآثار الفرعونية، ويقيم احتفالا فنيا لتقديم فلكلور النوبة وأسوان. وتأتي هذه الظاهرة الفلكية مرة أخرى، وذلك يوم 22 فبراير (شباط)؛ أي بعد غد السبت.. وقد تبارى العلماء بعد نقل المعبد من مكانه الأصلي إلى منطقة أخرى بأن الشمس لن تدخل المعبد، ولكن خاب ظن هؤلاء العلماء ودخلت الشمس يوم 22. وكانت قبل ذلك تدخل إلى المعبد يوم 21 من شهر فبراير وأكتوبر. وقد كتب العلماء أن الشمس تدخل إلى المعبد، وذلك احتفالا بمولد الفرعون وكذلك بيوم تتوجيه، ولكن لا توجد أي أدلة علمية مكتوبة أو أثرية تؤيد هذا الرأي. وأعتقد أن هذه ظاهرة فلكية استغلها الفراعنة، وأرادوا أيضا أن تسلط الشمس على وجه الملك «رمسيس» لتعلنه ملكا يهابه أهل الجنوب. وقد سجلت حديثا تلفزيونيا يوم دخول الشمس في 22 أكتوبر الماضي وقلت: لو زار الرحالة القدماء أبو سمبل لوضعوا هذا المعبد ومعه معبد زوجته الجميلة «نفرتاري» على قائمة عجائب الدنيا القديمة ليكون العجيبة رقم ثمانية.

إن الإرهاب الأسود الذي تحاربه الدولة المصرية الآن لن يستطيع أن يمنع الشمس من أن تسطع على وجوه بنت مصر من آلاف السنين على العلم والإيمان، فلن يهدمها الجهل والحقد من أعداء يعرفهم المصريون جيدا، بعد أن كشفهم للعالم كله في 3 يوليو العام الماضي. إن استهداف السياحة المصرية بعمليات إرهابية، ليس المقصود منه فقط ترويع الأجانب، وإنما هو استهداف لمصر وأهلها؛ ومحاولة بائسة لوقف مسيرة بدأت بالفعل، ولا ننس أن هذا هو البلد الذي قال فيه رب العزة في كتابه الكريم على لسان يوسف الصديق (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين).