حزب الله.. السهل اللين!

TT

هل يعي حزب الله اللبناني الآن خطورة ما فعل في سوريا؟

هو دق الباب فسمع الجواب، قيل له من قبل: خفف الوطء فأديم هذه الأرض ليس إلا من هذه الأجساد.. ولكن القوم كانوا يغطون في سكرة عقائدية ميليشياوية صفراء، وظنوا لوهلة أنهم مانعتهم ضاحيتهم وقبضاتهم ومربعاتهم وابتسامات السيد الصفراء من جنون الانتحاريين وسيارات المفجرين التي لم تسلم منها نيويورك وواشنطن من قبل.

برهان ورطة حزب الله هو تغير سلوكه السياسي من العجرفة والصلف إلى التفاهم واللين، فقد علموا، حين لا يجدي العلم الفتى أن التي ضيعتها كانت معي، كما قال عاشق متحسر يوما ما.

علموا أن سعد الحريري، وفؤاد السنيورة، بل وحتى أحمد فتفت وأشرف ريفي، وربما في يوم ما أحمد الأسير نفسه، أهون عليهم من كتائب عبد الله عزام، وانتحاري سراج الدين زريقات، وعمر الأطرش، وكتائب «المجاهدين» الآتية من جحيم سوريا العبثي، الذي ساهم في حفر خنادق النار والدم فيه، شبان حزب الله بشاراتهم الصفراء، مع همج كتائب أبو الفضل العباس العراقية، يقودهم قادة فيلق القدس، كما كان يقود جيش المناذرة من قبل قادة كسرى الفرس.

حزب الله كان سهلا رقيقا غفورا في تشكيل الحكومة أخيرا، وقبل بعد تمنع يسير تعيين أشرف ريفي، عدو الحزب اللدود، والمشيطن في أدبيات وإعلام الحزب، في وزارة سيادية، ليغضب بذلك أتباع الأسد في دمشق، مثل اللواء السيد ووهاب، حاملين من وراء ذلك غضب بشار نفسه من ليونة حزب الله، ولكن الحزب الأصفر يرى ما لا يرى بشار، ويحس بما لا يحس به، ويحمي وضعا لا يبالي به بشار وماهر وبقية المقامرين في لعبة الدم والخراب.

معارك يبرود الأخيرة، وقبلها معارك القصير، وتفجيرات الضاحية المتتالية، واستهداف مقرات إيران في بيروت أكثر من مرة، واشتباكات بعلبك والهرمل والبقاع، كلها تفت في عضد الحزب، وتخبره أن المقبل أكثر شراسة، وأكثر قتامة، وأن لا مناص له من إرضاء السنة وبعض المسيحيين من جمهور جعجع والجميل والمستقلين، حتى يكسب دعم هؤلاء في معركته الدموية الحقيقية مع أعداء الحزب ومن خلفه إيران، فالأمر جد وليس هزلا، وحسن نصر الله يعلم تماما طبيعة خصومه هذه المرة، فمن مثله يعرف لغة التفجيرات والاغتيالات والشحن الديني؟

قدر من يتصدى للشأن العام في منطقتنا، خاصة إذا كان من مستخدمي لغة الدين في سوق السياسة، أن يتعلم من كيسه، ويدفع من خزينته، ويكتب حروف أبجديته من دمه.

كان بمقدور حزب الله تجنيب جمهوره وشبانه ومصيره هذا الواقع الأليم، وتجنيب البقية أيضا، فهؤلاء الذين يرسلون الانتحاريين والسيارات المفخخة يكفرون الجميع، ويكفر بعضهم بعضا، كما بين داعش والنصرة.

كان بالإمكان إبقاء الغول في كهفه للأبد، لولا أن صيحات نصر الله ورفاقه هي التي استخرجته من مخبئه.