ماذا تفعل السعودية في سوريا؟

TT

لا يلام من يفقد عقله وهو يتابع الحالة السورية، التي صارت حويصلة تجمعت فيها كل أمراض العالم وصراعاته.

صور من الجحيم، براميل متفجرة، في اختراع علمي يسجل لبشار ومساعده ماهر، وقتلة الحرس الثوري وحزب الله. قصف بالغاز السام، وإبادة للعوائل والأطفال. مجازر لا علاقة لها بوجود «داعش» و«النصرة»، فمجزرة الحولة ومجازر بابا عمرو، وغيرها، كانت قبل تشريف البغدادي ورفاقه من قاطعي الرؤوس وآكلي الأكباد، كما يحب هذا النعت لهم حسن نصر الله.

مأساة فرضت نفسها على الجميع، وقد اعترف سيد البيت الأبيض، باراك أوباما، حين لا يجدي الاعتراف، بأن مشكلة سوريا أصبحت تمس الأمن الأميركي (صح النوم!).

منذ البداية كانت السعودية مع الحل السلمي، ولم تقطع العلاقات مع نظام بشار إلا بعد مرور أشهر على بداية المأساة، وبعدما تبين أن بشار يهرول في طريق الدم و«تطييف» الصراع.

إذا كان أوباما اكتشف في لحظة بصيرة متأخرة أن حرب سوريا جزء من الأمن الأميركي، فإن السعودية تعرف أن مأساة سوريا جزء من صميم أمنها الداخلي والخارجي.

منذ البداية كان الحذر من تحول سوريا إلى ساحة أزمة تجذب القتلة والمتطرفين والقاعديين، بعدما فقدوا الساحات التي يجندون بها الشباب. لكن أوباما كان يعاند، بجهل، وبوتين وخامنئي يفرحان بجهل أوباما وعجزه.

وجدت السعودية نفسها وحيدة في الميدان، تحارب على جبهة الانتصار للشعب السوري، وضرب المشروع الإيراني في سوريا، وفي الوقت نفسه محاربة استغلال «القاعدة» ومشتقاتها للمأساة السورية، من أجل استعادة النشاط في المنطقة، وفي الوقت نفسه محاربة العجز والجهل الأميركي، والدولي، بتعقيدات المنطقة، ومآلات الأمور فيها. فأي حرب معقدة هذه؟!

من أجل ذلك تصبح قراءة الموقف السعودي من سوريا للمتعجلين، والمناوئين للسعودية أيضا، مدعاة للجهل والتشويش.

من هذا، ما نقل عن صحيفة «الشروق» التونسية تحت عنوان: «عرض سعودي أميركي لحزب الله: الانسحاب من سوريا مقابل خروج المقاتلين الأجانب».

قالت الصحيفة: «أوردت مصادر سياسية لبنانية مطلعة أن الرياض وواشنطن قدمتا عرضا لحزب الله، يقضي بإخراج المقاتلين الأجانب من سوريا والتضييق عليهم في العراق، مقابل انسحاب المقاومة اللبنانية من الشام». تعبير المقاومة من الصحيفة، حيث اعتبرت هذه الصحيفة أن قرارات السعودية بمنع مواطنيها من الذهاب للقتال في سوريا، وغير سوريا، توجهات «رسمية» واعية بالانسحاب من الجبهة السورية.

السؤال الواضح: هل عناصر «داعش» و«النصرة»، الذين يكفّرون الدولة السعودية، ويرون أن محطة سوريا مجرد مرحلة نحو الهدف النهائي، وهو محاربة السعودية نفسها.. هل هؤلاء ذهبوا لسوريا بتفويض ودعم وخطة «رسمية» سعودية؟!

ما لا يدركه مثل هذا التناول هو أن «القاعدة» عدو للسعودية، مثلما هو بشار الأسد الآن، والسعودية تحاربهما في وقت واحد، وفي الوقت نفسه أيضا تناصر الشعب السوري، لأهداف إنسانية أخلاقية، وأهداف سياسية عملية أيضا.

تختلف أو تتفق مع هذا، لكنه على الأقل هو رؤية السعودية للحال والحل في سوريا.

هل هذا صعب الفهم؟