أهم تجربة لترتيب أولوياتك

TT

وضع أستاذ جامعي أمام طلابه جرة زجاجية خالية، وبدأ يضع فيها أحجارا كبيرة واحدا تلو الآخر حتى ملأها. ثم سأل طلبته: هل امتلأت الجرة؟ قالوا: نعم. فأخرج كيسا وسكب منه حصى صغيرة الحجم ورج الجرة جيدا حتى امتلأت معظم الفراغات بين الصخور الكبيرة. فقال: هل ملئت الجرة؟ كان ردهم الإيجاب أيضا. بعدها سكب أمامهم كيسا من الرمل الذي ملأ الفراغات كلها فقال: هل امتلأت؟ فاتفق الجميع على الإجابة نفسها. لكن البروفسور لم يلتف إلى إجاباتهم، فسكب كوبا من الماء حتى تغلغل بين الصخور والحصى والرمال، فملأ الجرة حتى أعلى فوهتها. هنا قال الأستاذ: الآن بالفعل تستطيعون القول بأن الجرة قد امتلأت، لكن الأمر الأهم هو أنكم لو وضعتم الرمل والماء والحصى أولا فلن تتمكنوا من إدخال هذه الصخور الكبيرة.

كان هدف المعلم الحكيم من هذه التجربة العملية أن يصور لهم الجرة بأنها حياتهم أو أوقاتهم. وأن الصخور الكبيرة هي أولوياتهم المهمة بالحياة، أما الحصى الصغيرة فهي الأعمال الأقل أهمية، والرمل والماء هما «توافه» الأمور، إن جاز التعبير، التي نهدر بها أوقاتنا من دون أن ندري.

نستفيد من هذه التجربة المهمة، التي أحرص على تقديمها في دوراتي واستشاراتي، بأن كل إنسان لديه 24 ساعة لكن البعض لا يجب أن يملأ يومه أولا إلا بالأنشطة المهمة التي سيكون لها تأثير كبير في حياته إن هو واظب عليها، مثل أهدافه الأسرية والوظيفية والصحية والمالية وغيرها، ثم يترك سائر ساعات اليوم لما تبقى من أنشطة بسيطة أو ملهيات ليست ذات أهمية.

هذه التجربة لا تقتصر على الأفراد وإنما تنسحب على القياديين والمديرين الذين يشغلون مرؤوسيهم بتوافه الأمور وينسون أن يبدأوا بالأهم. من هنا جاءت أهمية التخطيط لأنه يضع على الورق كل الأهداف والمهام. ومنه تبدأ عملية المفاضلة بين الأهم والأقل أهمية. وهذا ما يسمى بترتيب الأوليات الذي تجده يقف وراء كل قصة نجاح فردية ومؤسسية.

[email protected]