ناصر وعامر أصل وصورة!

TT

حتى كتابة هذه السطور لا نزال نتابع ورثة كل من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وهم في حالة رضا عن تصوير مسلسل «صديق العمر» الذي بدأ تنفيذه ومن المنتظر أن يتم عرضه في شهر رمضان المقبل.

شاهدنا على صفحات الجرائد وفي الفضائيات معركة قبل بضع سنوات وصلت لساحة القضاء بسبب العلاقة التي شهدت دفئا بينهما، ثم انتهت في أعقاب هزيمة 67 بانتحار، كما تقول الرواية الرسمية، أو اغتيال، كما يقول الورثة وعدد من المؤرخين، عبد الحكيم عامر. الكثير من الوثائق تناثرت هنا وهناك ولا يستطيع أحد أن يؤكد أو ينفي وهو لديه يقين مطلق بأنه يمتلك الحقيقة، كانت ولا تزال لدى الجانبين مساحات من الشك.

المعلن أن المسلسل، كما أراد كاتب القصة الراحل ممدوح الليثي، سوف يتضمن النهايتين، ولا أدري هل وافقت الرقابة؟ لأن الأمر في هذه الحالة متعلق بالأجهزة السيادية.

المعروف أن الصداقة بين ناصر وعامر بدأت منذ بواكير الشباب، وهما طالبان في الكلية الحربية، وكان دائما عامر هو الأقرب إلى ناصر، بل هو الوحيد المسموح له في الاجتماعات بعد أن صار رئيسا بأن يناديه جمال مباشرة، وكانت مشاعر ناصر الإنسان إيجابية تجاه عامر تدفعه مثلا لأن يُطلق على أصغر أبنائه عبد الحكيم.

أعتقد أن المشاهد العربي لديه شغف كان ولا يزال بعبد الناصر وبتلك المرحلة الزمنية؛ ولكن هل لن يثير المسلسل في بعض وقائعه غضب الورثة، سبق مثلا أن غضب ورثة جمال من تفاصيل إنسانية تضمنها فيلم «جمال عبد الناصر» الذي أخرجه السوري أنور القوادري ولعب بطولته خالد الصاوي وهشام سليم قبل نحو 15 عاما وكانت علاقة ناصر وعامر أيضا تحتل قسطا رئيسا في الأحداث.

هذه المرة أثيرت مشكلات أخرى جانبية مثل جمال سليمان الذي يؤدي دور جمال، والحقيقة أن الأمر ينبغي أن نقفز وراء أسوار تلك المشاعر التي أراها مصطنعة وتمنع عربي من أداء دور شخصية عامة أو مواطن مصري مثلما حدث أيضا مع تيم حسن قبل ثماني سنوات عندما أدى دور الملك فاروق في المسلسل الشهير رغم أن فاروق لم يكن مصريا، فإن السؤال كان وقتها ألم يجدوا مصريا لائقا.

لم يعد لمثل هذه التساؤلات في السنوات العشر الأخيرة على الأقل محل من الإعراب لأن الرقعة التي تتحرك فيها صناعة المسلسلات صارت أوسع وأعرض من مصر وتشمل العالم العربي، حركة التسويق تجاوزت تلك النظرة الضيقة ولهذا صارت هناك رؤية اقتصادية تتحكم في الاختيار.

ولكن يبقى دائما معيار أهم وهو المصداقية في الأداء، باسم سمرة يؤدي دور عبد الحكيم عامر، وهو بالطبع مناسب من الناحية العمرية ومن الممكن أن تصدقه بقليل من المكياج في دور شاب صغير لم يبلغ في بداية الحلقات العشرين من عمره، ولكن يظل هذا يشكل مأزقا أمام جمال سليمان مهما بلغت براعة الماكيير، الثاني هو إجادة اللهجة وهذا ليس له علاقة بكون جمال سوريا، لدينا أكثر من فنان عربي يجيدون اللهجة المصرية بطلاقة يحسدهم عليها المصريون مثل هند صبري وإياد نصار وجومانا مراد ودرة وتيم، وغيرهم، المشكلة أن الجمهور ليس فقط المصري ولكن العربي لن يتسامح لو فلتت كلمة من دون تدقيق. عبد الناصر لو راجعت خطبه ستكتشف أنه كثيرا ما يستعين بالعامية ويخرج عن النص المكتوب في الورقة المعدة أمامه، هذه هي المحاذير التي تواجه مسلسل «صديق العمر»، ولكننا لن نصادر حق أحد في المحاولة والحكم بعد المشاهدة!